الخميس، نوفمبر 26، 2009

إطفي ضــيهــا ..؟!.. د. محمد المفتي


بقلم : د. مـحـمـد المـفـــتي

2009-11-24

في الظـلام الدامس، انحني عليّ الدكـتـور إدريس اشـتيوي أسـتاذ المـحـاسـبة، المرجــاوي الأصـيل .. وهـو يغادر مـعـرضالكتاب ، وقال: ’’ مادام تسـتـعـمل في الشـعر الشـعـبي .. عـنـدي لك بيت آخر لعـبد السلام الحر .. عـنـوان للمقال الجاي ..
إطـفي ضـيـها، يا سـلام وسـلــّّم ... تـمّـا الـغـوط مـظـلــّـم ، ولا خـيـط تـَـلــَـفـون بيش اتـكـلــم واصـفـا حالة المـرج ليلة زلزال
عام .1963

مـعـرض بـدون نــور

مساء الخميس .. كان الهـواء باردا .. وانقـطـعـت الكهرباء عن المنطـقـة بكاملـها .. واضـطـر باعة الكتب أن يكتبوا فـواتيرهـم على أضـواء السـيارات .. واسـتـنـفـرت وحــدة أمن المـعرض .. خوفا من السرقات .. وسـرعان ما أقـفـلت الأبواب الخارجية.
كيف المسـئولين بالمعرض ما فكروا بتركيب مولـد .. موش عـنـدهـم دخـل من المـعـارض المـتــتـالية .. صحيح خـفـيـفـة ، لكن فـيـه دخـل؟
وقال آخر لصديقه: مـعـقـولة .. معرض بدون مولد كـهرباء احـتياطي؟ واسـتمرا في الجـدل حـول مباراة اليوم السـابق بين مصر والجـزائـر: ’’ خلاص يا أخي خـسـروا .. ياخـذوهـا بروح رياضـية .. ثم هل يعـني أن الجـزائر سـتحصل على كأس الـعـالم؟...

المـتـقـــاعـدون .. طلبـة المـعرفـــة

واضطـررت للوقـوف قرب البوابة .. لكي يسـمح رجال الأمن لمـعـارفي من بـعـض الشـــــيّاب بالدخـول. الحاج خالد بن حـمـيد أحـد أعـيان المديـنـة ،
الحاج سـعيد الشـاعـري الإداري المخـضـرم وصـاحب البـديـهـة الحـاضرة دوما ، أحـمد القـلال، المكي بـوزيد الدبلوماسي السابق، حسين السيد الشريف الدبلوماسي المتـقاعـد .. المهندس نوري ارحـومه .. فرج الترهـوني المترجـم المتميز عن الإنجليزية الذي
ينشر ترجماته الأدبية في الدوريات الكويتية. وجـوه تصـادفـهـا في المناسـبات الـعـامة.
واضـح أن نسـبة الشـيّـاب بين الحضـور كانت عـالية .. لأن مـوضـوع المحـاضرة .. اسـتحضر في أذهـانـهم الصحف التي كانت تطبـع في المطبـعـة العربية الوحيدة في بـنـغازي قـبل سـبعـة عـقـود .. فـقـد أخرجت مطبعة سـوق الجريد "بريد برقة" الناطقة باسم السلطة الإيطالية، ثم "ليبيا المصـوّرة" التي خـلـقـت تيارا مؤسـسـا على إحـياء اللغة العـربية وحب الوطن، ثم بعد العرب ظهرت صـحـف "بنغازي" و"عمر المخـتـار" .. وفي النصف الثاني من الأربـعيـنيات، صـدرت "الوطـن" صـحيـفـة المعارضـة الوطـنية.
ثـم إن الـتـقـاعـد يحرر المرء من كثير من المـهـام الحياتـية .. وفي حـالة المـتـعـلمين منـهـم يـســتـعـيدون الرغبة في القـراءة ومتابـعـة الأمـور .. ومنهم من يتذكر محـاضرات النادي المصري في الخمسينيات .. وفـضـلا عن اسـتـعادتـهـم لصـداقـاتـهـم وممازحـات أيـام المـدرسـة. وهـناك اليوم شـريحـة من هـذا النـوع وعلى المجـتـمـع أن يرعى احـتياجـاتـهـم، وعلى رأســها المقـاهي والمنتـديات.

قـلـق .. ومـفــارقـات

وصل آخرون من الأدباء والكـتاب.. مجـمـوعات صـغيرة متنـاثـرة في الســاحـة المـعـتمـة، لا تسـمع سـوى نـقـاشــاتـهـم وضـحـكاتـهـم
بين الحين والآخر. وتـبادلت بضـع كلمات مع المـؤرخ المخـتـار الجـدال عن مـقـالـه الأخـير عن تجــار غـدامس.. التي أمست مـزارًا للسـياح الأجـانب. ولكن لم يـقـدم لنا التـلـفـزيون الليبي بـعـد تحـقـيـقـا مـفـصـلا عن بنـائـها وتـقـاليـدها الاجـتماعـية .. وبشـهادات أهـلـها عن تاريخ غـدامس التي كانت إلى ما قـبـل قـرنين ، إحـدى عـواصم التجـارة الأفـريـقـية وخـاصة تجـارة الذهـب.
كان المـوجـودون قـلـقـين .. كلـهـم ينتـظرون .. قالوا بعد عشر دقائق .. قالوا الساعة ثمانيـة .. يـبــدو أن المشـكلة كبيــرة. هـذا هـو التـخـلـف ..
لا اسـتـعـداد للطـوارئ .. ولا تـحـسب. .. حشـموا بيـنا قـدام ها الـنـاشـرين الضـيوف أكـيـد كابل مـحـروقو إلا مـقـطـوع .. يحـدث في أي مدينة ..
لكن الخـطـأ هـنـا ، في غياب الاسـتـعـداد .. مـعـقـولة؟
تـدنّي كـفـــاءة الآداء ...

لكن غياب كـفـاءة الآداء مشـكلة أخـطر ..


أعـددت محاضرتي في شكل شرائح على الكمبيوتـر .. للـعـرض .. بواسـطة جـهـاز الداتـا شـو. حين لم يكن هناك جـهـاز .. وكانت الأسـباب والمـعـاذير بـقـدر الإحـراج وبـعـدد الحـلـول المسـتحيلة التي اقـترحـت.
’’هكذا تتـوالـد المشـاكل .. في اللحـظـات الأخيرة .. لأن لا أحـد تأكـد من وجـود الجـهـاز وجـرّبـه ..
قـبل المـوعـد ، بـ 24 سـاعة على الأقـل ...
الحـال من بـعـضـه .. أليس هـذا ما يـفـعلـونـه في الطرق .. يـقـفـلون مدخل شارع مـهـم .. وترى الكاولينا والشرشـور مكدسـة .. وربما آلة
أو أكثـر .. ثم يتـركـوهـا سـاكـنة لأيـام وأسـابيع . ’’وتـدني كـفــاءة الآداء مشـكلة مـتـفـشـية تـعـطـل كل أعـمالـنـا .. بما في ذلك سـريان الأوراق الإدارية والبـيــانات الـعـلمـيـة .. ومـصــالح الناس!

وهـزم الظــلام الجـمـيـع

ومـع مرور الوقـت هـزم الظـلامُ والبــردُ الجـمـيـعَ .. وخـرجنا الواحـد تـلـو الآخـر !
وفي طريقي إلى الخروج ، جـاءني الأسـتاذ نصر الدين الجراري ليقول أنه اتصل بطرابلس .. وتـقـرر تمديد المعرض يوم آخرإلى السبت .. وأصرّ أن تكون المحـاضرة في ذلك اليوم.
يوم الجـمـعـة اتصلت بالشاعـر اهـليل البيجـو على أمل إلـغـاء المحـاضرة.. وكان رده قاطـعـا : ’’ مسـتحيل ..
اشــترينا جـناريـتـر .. مـولــّد .. يشـعل 200 لامبـه .. وكل شئ تمام؟‘‘.


المحــاضـرة .. مـوضـوع وجـمـهـور

مسـاء السـبت .. كانت أضواء المـعـرض سـاطـعة .. والمبيعات مسـتمرة، وإن كان بعض الناشرين يـعـبـئون كـتـبـهم في كراتـين اسـتعدادا للرحيل. وكان عـلاء قـد حصل على جـهاز العرض، ولم يكن لدي من شئ أعـبر به عن فـرحتي سـوى قـطـعة حلوى أهـديتـها له! ومضت المحاضرة التي أدارهـا الصديق الشاعـر جـابر نـور، بسـلاسـة.
وكان من بين الحـضـور الدكتور السنوسي طاهر العائد لتـوه من مؤتـمـر طبي في هـونج كـونج، والدكـتور علي شـمبـش والدكتور الصيد
أبو ديب رئيس اللجـنة الثقافـية لمعرض الكتاب الدولي، والصـديقـين الأسـتاذ عبد الله المـقـيرحي ومحمد علي الشويهدي .. وكذلك الأخ علي جـابر مدير تحـرير صـحـيـفة قـورينـا التي " تـبدو مـلـزمة هـذه الأيـام بأن تـرقـص بالخـطـو إلى الوراء حتى
لا تـغـضـب شـقـيـقـتها أويا .. الشـديدة الـغـيرة "!! ربما غيرة لأنـهـما لمالك واحـد ، فلماذا لا يـكـون كل منها مسـتقـلة ماليا وإداريا .. فـوضـعـهما الحالي يـعـزز هـذه الغيرة الأبدية على ثـنائية بنـغـازي وطرابلس؟
وتناول عـدد من الحاضرين المحـاضرة بالتـعليـق. وبالطـبـع فإن أي مـحــاضرة لا بـد أن تـثـير بـقـدر ما تـنـير .. أي تـطرح رؤيـة جـديدة تـسـتـحث الأذهـــان. ونـوّه الصديق الشاعـر والكاتب الحبيب لامين بأن تحديث مدينة طرابلس بـدأ قـبل بنـغـازي بعشر سـنوات في عـهـد واليـها الكونت فـولبي، بعـد ما أسـماه الإيطاليون بحـرب الاسـتعادة في 1923 وقـمـع المقاومة الوطنية
في مصراته وزليتـن وبني وليد والجبل الغربي.

->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art