الأحد، نوفمبر 08، 2009

الخوف .. الصمت .. والقلق





الخوف .. الصمت .. والقلق

حين سأله دافيد بارساميان كيف يتعامل مع قضية تهديده بالقتل ..


أجاب ادوارد سعيد :

" لا أفكر كثيرا... إذا تابعت التفكير في أي مشكلة من ذلك النوع ,. فإن الأسوأ يكون قد حصل عن طريق جعلك عاجزا عن العمل .... إنه لأصعب على أولئك الناس مما هو عليك .... أعتقد أن الأمر الأساسي هو أن تستمر في طريقك وتذكر أن ما تفعله يعني أكثر بكثير من مسألة كونك آمنا أم لا "


وحين سأله عن مرضه قائلا له

" الكثير من الناس قلقون على صحتك .

إنهم يسألونني عنك ؟ ..


ما الذي تستطيع أن تقوله لهم ؟ "


..يجيب إدوارد سعيد :

" إنه نمط مستمر . لدي مرض مزمن هو اللوكيميا ( سرطان الدم ) . له لحظاته السيئة .. أحاول ألا أفكر بالمستقبل كثيرا. لدي الكثير لأقوله وأكتبه , كما أشعر, وأريد بالضبط أن أستمر في ذلك "

في حادثة وقعت في بيروت يرويها بارساميان ..نقف عندها مع الجراءة والانهماك والقلق المبارك الذي نعت به سعيد قلقه وذلك الانهماك الذي قالت عن زوجته " حين يكون منهمكا لا يهمه شيء ".. كان ثلاثة من الأصدقاء بمطعم بيروتي يتناولون الغذاء مع الشاعر الباكستاني فايز أحمد فايز الذي فر من قبضة ديكتاتور باكستان الجنرال ضياء الحق واتخذ من بيروت ملاذا وهي تغرق في شلال الدم والحرب تمزقها. كان سعيد منصتا ومستمتعا , بينما راح فايز يلقي قصيدة ( أغنية لطفل فلسطيني ) . عندها اندلعت معركة بالجوار وارتفع دوي الأسلحة النارية.. هرب خدم المطعم مسرعين إلى الداخل , ولم يبق سوانا نحن الزبائن بالصالة .. توقفت غريزيا عن ترجمة قصيدة فايز من الأوردو إلى الانجليزية , ونظرت بتساؤل إلى نوبار هوفسيبيان الذي يعرف بيروت جيدا

عندها حثني ادوارد سعيد قائلا

" هيا تابع " .. وكأنه لم يحدث شيء غير عادي .. وتابعنا ............

وعن قلقه وانشغالاته وهواجسه يقول سعيد في :


( خارج المكان )


" إن الأرق عندي حالة مباركة أرغب إليها بأي ثمن تقريبا. فليس عندي ما هو أكثر تنشيطا، من أن أطرد عنى فورا ظلال الوسن لليلة خسرتها، غير إعادة تعرفي في الصباح الباكر، على ما كدت أخسره كليا قبل بضع ساعات أو استعادتي إياه. بين الحين والآخر، أرى نفسي كتلة من التيارات المتدفقة أؤثر هذه الفكرة عن نفسي على فكرة الذات الصلدة، وهى الهوية التي يُعلق عليها الكثيرون أهمية كبيرة. تتدفق تلك التيارات، مثلها مثل موضوعات حياتي، خلال ساعات اليقظة وهى، عندما تكون في أفضل حالاتها، لا تستدعى التصالح ولا التناغم. إنها من قبيل النشاز، وقد تكون في غير مكانها، ولكنها على الأقل في حراك دائم في الزمان وفى المكان وبما هي أنواع مختلفة من المركبات الغريبة، لا تتحرك بالضرورة إلى أمام، وإنما قد يتحرك أحيانا واحدها ضد الآخر، على نحو طباقي ولكن من غير محور مركزي. إنه ضرب من ضروب الحرية، على ما يحلو لي أن أعتقد، على الرغم من أنى بعيد كل البعد عن أن أكون مقتنعا كليا بذلك. ونزعة التشكيك هذه هي أحد الثوابت التي أتشبث بها بنوع خاص والواقع أنى تعلمت، وحياتي مليئة إلى هذا الحد بتنافر الأصوات، أن أؤثر ألا أكون سويا تماما وأن أظل في غير مكاني " ! ...............

حقا للصمت والخوف ألف أذن , وربما يكون للقلق لواجم , ولكن يبقى للحقيقة لسانها وللحرية منجم بالبواطن السحيقة قلما يناوشها واهن أو يطاولها حبيس أصفاد الذات وأغلال الآخر.




->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art