الأربعاء، نوفمبر 11، 2009

مصراتة .. يا سـُرّة الوطن - 1


بلد الحسب .. النسب .. التجارة .. الهجرة .. التصوف .. الجهاد

د. فرج نجم

2008/03/01

كنت ولازلت أهيم في حب هذا الوطن .. لا لشيء إلا للوطن .. وسيبقى هواي هو الوطن .. ما حييت .. حتى أن حب هذا الوطن قد حرمني تذوق شهوات الحب وملذات الحياة.
جميلة كانت الكلمات الرقيقة للشاعر خالد المغربي عن الوطن :
حين أشعر بالوطن، تجبُن الجراح، وينتحر الألم،
الشعور بالوطن، خروج من سجنه ...
أغتسل ُكل صبح باسمه، لتتضح ملامحي ...
أُشرق بالوطن، وعبر أفق ترابه، أبدو واضحا للجميع ...
يا وطن،
يا وليد العمق، الكامن فينا ...
يا أغلى وطن.
يا أغلى وطن سبق وأن التقيت بالصديق الدكتور محمد المفتي الذي بكتاباته أجّج في جذوة حب هذا الوطن .. وزاد سعيره .. وكذلك هكذا منمقات تجاوزت بي كل حدود هذا الوطن .. فارتأيت لنفسي بعيداً عن السياسة، ومشاجبها، أن أتغنى للوطن بالبوح بعشق الوطن، ولكن بإعطاء صورة للآخر عما يعنيه الوطن لي ولهم .. فجاءت الفكرة رداً على من أراد بهذا الوطن سوءً .. سواء بتمزيقه سياسياً أو بإذلاله اقتصادياً أو حرمان الشركاء الشرفاء الفرصة في بناء الوطن أو إنكار هوية هذه الوطن عنهم.
ولكي نستشعر عظمة وروعة هذا الوطن ينبغي لنا أن نقف إعتزازاً أمام مكوناته .. فكل ما تفسحت في زواياه الأربع المتباعدة كلما زدت عشقاً وولعاً به .. أذكر أننا زرنا جبل نفوسة في الربيع، وكيف رأينا أهلنا الأمازيغ عليه شوامخ، كما هي "الأدرار"، بلطفهم وكرمهم وهمتهم.

فقررت زيارة مصراتة .. وعقدت العزم .. وبحثت عن رِفقة .. فوجدتها في الصديق المفتي .. الذي أصول أجداده ترجع إلى يدّر .. فأبدى استعداداً - على مضض - في بادئ الأمر، لإساءة لحقته حين أُلغيت محاضرة كانت مقررة له في جامعة مصراتة .. ممن هم محسوبين على مصراتة، وتمعنوا في الإساءة إليها، وإلى أهلها بذلك التطاول .. ولكن كانت العشيرة الثقافية على الطريقة المصراتية بالمرصاد، لرد الاعتبار، فبسرعة البرق بعد لقاء الأستاذان، مصطفى الهاشمي ومحمد مليطان، في لقاء ودي جمعنا أثناء زيارة للسلام والتحية للجنة الثقافية بجامعة مصراتة، التقينا فيها كذلك د. طاهر بن طاهر والأستاذة آمال عامر، استطاعا ترتيب محاضرة للمفتي وللعبد الله، والتأم الشمل، فافتتح رفيقنا الأستاذ حبيب، وبلغة شاعرية تجلى فيها عمقه الأدبي وحسه التاريخي، برنامج الأمسية بديباجة عن "العقيدة التاريخية" .. التي استحكمتني ولم تتركني للساعة .. ثم تسامرنا فيها لسويعات مع نخبة من أهل الثقافة والإعلام تقدمهم الأستاذ عبد الهادي الفيتوري (عميد الصحفيين في مصراتة) والشيخ أحمد جهان، والشيخ أحمد نصر، وأستاذة الكبار كيوسف الغزال ومحمد السباعي ومحمود املوده وعلي رشدان وعلي كشوده ود.عبد الوهاب عبد العالي.. وغيرهم من الأفاضل، فتحدثنا عن الوطن وأشجان أهله، وتاريخ معارفه، ولكن الأهم أن مصراتة بنخبها وأهلها فتحت ذراعيها مرحبة.

فـؤادي بغى مصـراتة لجمـالها .. فهام بذكراها وذكـر خصـالها
لها وجه أرض مثل شمس مضيئة .. عليه جمال من بيـاض رمـالها
وزيتـونها والنخـل فوق جبينها .. كرأس فتاة في زمـان إعتدالها
وأعين أعناب لها فـوق جـبينها .. غدت تسحر الألباب بعد إنتشالها
وتـلمـع من مباسـم وردهـا .. ووجنات رمان ترى فوق خالها
ولكي نمضي احتجنا رفيقاً مصراتياً ليكون دليلنا ويشق بنا أقواز مصراتة وأنباكها، لسبر هذه الكنوز الغائرة، والدرر الثمينة، قيمة وقدراً .. فلم نجد خيراً من الرائع حبيب لامين .. الذي كان بامتياز حبيباً، وأميناً، وخير سفير لمصراتة .. وبالمناسبة أهنئ مصراتة .. والوطن .. بمصراتي في قامة حبيب علماً، وخُلقاً، وتواضعاً .. ولا أجد ضيراً في القول بأنك يا حبيب مبعثاً للفخر والوطن، وسيبقى الوطن بخير مادام به من أبنائه وبناته من هو يعطي .. ولا ينتظر أن يُعطى له.
لماذا مصراتة ؟
تساءل الحائرون والمتتبعون عن الماهية، والمبعث، وراء زيارة مصراتة تحديداً، في حين تركها أهلها على مر القرون، والأغلبية لم تعود، وهنا بيت القصيد .. حتى أن أحدهم قال: يا ودي مصراتة كالنار ..لا نقربها .. ولكن نتدفأ عليها من بعيد .. فجال في الرأس ألف سؤال وسؤال .. ضاقت بها النفس من طيلة الحمل .. منها :
لماذا قيل إن مصراتة بيئة طاردة .. ؟
من فينا من لا يعرف مصراتياً .. ؟
ولكن السؤال المثابر : كم منا زار مصراتة .. ؟
لهذا مصراتة جاءت إلينا من كل زاوية من أركان الوطن دون غيرها من البلدان الليبية، هذه المدينة التي قدمت عالم الدين، والمثقف، والسياسي، والمؤرخ، والتاجر، والمجاهد، والأهم: المهاجر، الذي ربط هذا الوطن بزواياه الأربع، مستدعياً عند الضرورة كل ما سلف ذكره من أدب، ودين، وجهاد، وتجارة. فلا ادري من أين ؟ وبالتي كيف ابتدئ ؟ ولم تسعفنا المكتبة الليبية والكتّاب المصراتية، على كثرتهم، فيما أعلم، بكتاب وافٍ عن مصراتة وأهلها، باستثناء مخطوط للأستاذ محمد حسن المنتصر عن مصراتة، وصلني عن طريق الزميلة اليزابيث سفج، رئيسة تحرير مجلة دراسات ليبية، الصادرة عن الأكاديمية البريطانية، وراجعته في ذات المجلة باللغة الإنجليزية عام 2003م.

للحديث بقية ...

1. أنباك ومفردتها نبكة وهي هضبة من الرمل، التي تسمى قوز أو كوز جمع قيزان أو كيزان، بعدما تستصلح حيث يزال الرمل وتصبح أرض مستوية مسطحة تزرع بالفاكهة والخضراوات.

نقلا عن موقع جيل :

http://www.jeel-libya.net/show_article.php?id=4061&section=1

->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art