الخميس، سبتمبر 29، 2011

.... ( كأسك يا وطني ) ....




من الصعب الانخراط بحوار سياسي جاد وطني طازج وناضج تحت ظل ذابل مع البعض مما يتصدى للمشهد الراهن بكل تجلياته ومطباته وهو ممن لا تغادر وجهه الفلاشات الدانية والمايكات الحانية بعقر لسانه , فبينما هواجسنا تتضخم وتركم ورائها ما ظنناه مطمئن لوضع البلاد بانتصارات الثوار وتضحيات الشهداء , نجد ان ذلك " البعض " يجادل بحجاج هجين ومنطق متلون ليفرض بالنفي حينا والتبرئة حينا اخر لجسم الحكومة الذي لا يبلى والمنزه عن العجز او لأسم معين بالمجلس وأحيانا للمجلس والمكتب التنفيذي كرهط لا ياتيهم الباطل من كل مسارات البوصلة ,, داعيا اما للقبول بما يحدث من دون تعليق أو بكيل المديح فقط لا غير كصك وطنية !؟ .... 

ما يجري على مستوى الاداء والتعاطي من شخص ورهط المكتب التنفيذي جدير بالنظر والتحليل وحتى النقد لمقامه وانعكاسه الاجرائي وتداعياته على الناس أفرادا ونخب ومنها مسائل خطرة وعاجلة تتكتل بعرض المسارات وستفضي لاحتقان وحتى الاختناق لركب الثورة نحو الدولة كالاستقطاب والتحشيد والتأجيج والتراشق الاعلامي بين أفراد وجماعات بل صارت تطال حتى جهات ومناطق معززة باسلحة الاشاعة وقانبل التهويل والتقويل المعادي الجبهة ..  ما نسمعه ونطالعه من محاولات فرض اجندات وتكريس قرارات وفرض إرادات وتعميد واعتماد شخصيات وتشظي للاجماع الوطني تحت قصف الشك وعصف المحاصصة كناتج هشاشة لادارة تعاني من ضعف في تصريف شوؤن الداخل وترجمة الثورة وتبنيد غاياتها مع عوز فاضح في السياسة والكياسة وهي المدججة بالرؤوس المتصلبة والمتصالبة  

هذا البعض سيرسب بالمحصلة كزبدة نقاش طبقة آهات مديدة وصرخات عديدة قد تنزلق عن افواهها لتتفجر بالشارع متجاوزة الكل , وهو ما سيؤدي بك الى حصر الخسران بالوقت والجهد والاجتهاد ووصم لسانك بالهراء وسوء اختيار الأذان متى علمت ان جليسك ( طامع وطامح إن خففت ) وانه بصدد انتظار لكعكة وزارية او سفرة قنصلية وبالتالي ستجده في خوفه عن النقد للمكتب التنفيذي ورئيسه تحديدا أشبه بمن ينوب بحمل جنين في بطنه عن زوجته رغم استحالة ذلك بيولوجيا الا انه يجيد ببراعة تمثل الانتفاخ باطنيا وظاهريا ومحاكاة الوجع .

المشكلة تكمن في انعدام الثقة فيما بين المتناظرين المحتكرين لشرفة الاستشراف وصومعة الاستغراق واستحواذ دوغمائي على الزوايا وحنايا النظر في غياب وجهة صائبة للبوصلة المقررة للبحث فوق خارطة الطريق يدعي " الأحد وبعضه" انها بحوزتهم ولا يثقون بغيرها أو غيرهم .

أخشى ان أقول بأن بعض الشخصيات والتيارات والأفكار والسياسات والأداءات قد باتت عبء على المرحلة واستحقاقتها على الثورة ومكتسباتها وعلى الشعب وطموحاته بالحرية والديمقراطية بدولة المؤسسات والسلم الوطني والاجتماعي . فهل ثمة من يسعر الاوضاع ولو بحسن نية أو بسوءها ويضع العصي بالعجلة لاقناعنا بخيارات مخفية قد تبدو غير صائبة او غير مقبولة إن عرضت من دون ظروفها !!؟؟ الشعب الليبي المتابع بقلق وأرق تسحقه الاشاعات وتؤججه الاخبار وتغالبه الهواجس وهو الذي ارتضى خيار الثورة رغم فداحة ما دفعه لاجلها وقدم لها بطيب خاطر فلذات اكباده وجراح غائرة وخسائر غير قليلة وانتظارات اصطبغت بالسأم لنهاية تطاول آمدها وربما ثمة من الأخطاء والمخطئين من يباعدها بقصد أو بفشل ولنقل حتى بعوز حكمة وحنكة سياسة .....


بحسب حلقة " نقاش " بقناة فرانس 24 - تبدو الكثير من الهواجس لدى بعضنا أقرب للوصف بالمخاطر الكارثية والتي يستحيل تجاهلها بعين والغمز بأخرى لبعضنا بأن كل شيء تحت السيطرة والامور " عال العال " ,, فيما الكثير من القضايا المتراكمة بلا ظل والمسائل المستعصية عن الحل ستبقى متأخرات لفواتير قد نعاني الكثير متى استحقت وفرض علينا حلها او دفعها بعد ان فشلنا حتى في حلحلتها , بداعي اوليات مستعجلة جلها خارجية لم تنجز وعوز امكانات لم تصل . فبينما تسير العمليات العسكرية بدرجة جيدة وبادارة شبه مستقلة للثوار الذين تمرسوا في الشهور الماضية وراكموا الخبرة والحنكة في مقاتلة كتائب الطاغية وتحرير التراب لسياسين هم بحسب جهدهم غير مستعدين وليسوا بمؤهلين لتخريطه والتموضع عليه عبر هياكل مدنية قوية وببرامج ادارية اغاثية تنظيمية وفاعلة ... تبدو مقاربات القرار والرؤى السياسية جد مثبطة ومرتبكة وغير قادرة على التوازي والتوافق مع اطارات مستجدات الميدان وحاجته بل معالجة جرحاه ..


تبقى مسألة غاية في السفور والغرابة فبينما ثوارنا يقاتلون على جبهات عدة طيلة الاسبوعين الماضين ظل الهم الحكومي ومعه تناغما حراك النخب السياسية القريبة متحلقا حول طاولات الفرز ومنصبا على توظيب قائمة تستوعب تصوراتهم وترضي تطلعاتهم ومتى فشلت ارجع عبر تسريبات اعلامية طبيعة الفشل وجهته ببوصلة تعمل عن بعد الى اطراف خارجة عن الطاولة المستديرة !؟ والى عوائق السجالات المحلية وتعريفات معايير الحضور الوزاري وقيمة النضال نحو تلك الجهة او ضدها .. اخيرا استوعب المكتب التنفيذي حقيقة ووجوب الترحيل لما بعد التحرير ولو لحساب طمأننة استحقاقات خارجية مطلوبة . كما ان حالة الارتطام بجدار الفشل في التشكيل وتوزيع الحقائب بين معايير الكنوقرطية والوطنية والجهوية وربما الشللية ضاعف من شروخ التصدع ببتماسك المجلس وذراعه التنفيذي والجبهة الداخلية اجمالا لينعكس بالوجوه والتصريحات وما يرشح تلميحا وهمسا شقة الخلاف على نحو سلبي على صورة الثورة الليبية الجاهزة بنظر البعض للوصم وتحت طائلة الشك لدى الآخر عربيا وحتى دوليا كما هو على الحراك الداخلي وجبهات القتال وهدأة الشارع وطمأنينة الثوار والشعب والنخب المتابعة لحقيقة ما يجري بالمكتب العالي ويصدر عنه .

يبدو شاخصا بقوة وصارخا بفجاجة في خطاب محطات اعلامية ( عجز مهني وضمور ذهني ) حجم الاحتقان وقدر الفشل في إدارة المحاور الوطنية والتعاطي والتحليل من قبل " المحللين والمسيرين " الذين تحولوا الى أسافين ومداحين ما ضاعف من هوة الثقة وراكم على هموم السامع وشكوكه سواء كام من النخب المتابعة أو المواطنين المتحفزين لأنباء النصر وأخبار التلاحم الوطني عموما بالساحات والميادين فصدروا لهم المزيد الهواجس وضاعفوا لهم حجم المخاوف من دون أن ننسى وقوع الجميع تحت طائلة وابل السجالات العقيمة والتراشق المنبري وقصف الاخبار المضللة والاشاعات المغرضة والتحليلات البائسة . لتنتج حالة احباط وقنوط اخشى أن " المجلسين " لم يسمعوا بها ولم يقدروا تداعيات الفراغ والخواء بالصدقية الاعلامية في غياب الناطق الرسمي المسئوول والتباين الفج في التصريحات وتضارب وجهات التحليلات . خاصة مع تصادم خطابات المديح وردات الفعل الصدامية لهذا الطرف او ذاك وفق لعبة التجاذب والاستقطاب والتحشيد وحتى التعبئة لاحتكار سوق الاذان وشاشات المنازل .


باختصار يبدو أننا دخلنا بسياسات النعامة والترحيل بسرعة الحمامة دون الحسم على الارض والسبب يظل قيد المباحثات ومختلف عليه بواقع التصريحات والتخبط سيد الموقف ... مجريات الميدان واخبار الثوار تظل هي المنقذ لسياسينا كلما ارادوا الهروب للامام ليوغلوا في الاحتفاء بانتصارات ليست من صنعهم تمنحهم الكثير من الستر لازمة الادارة واشكالات الوفاق والتوافق والحسم لصالح الوطن والمواطن .فعليهم الانتباه جميعا الى مكامن الخلل وبؤر التصعيد ووالالتزام الدائم بالمسار واصحاح الانحراف من دون اجتهادات ومعاندات قد تخرجنا من حالة الثورة الطهارة بدماء الشهداء وألام الجرحى الى بازار سياسي لن ينتهي الا بالافلاس الشامل ,, لا قدر الله ...


لعله من المجدي مطالعة التاريخ وقراءة واستقراء مآل ديغول محرر فرنسا وتشرشل القائد والسياسي الانجليزي المحنك وهيلموت كول موحد المانيا بشطريها ... لندرك انه حتى الأبطال والمحررين قد يكونون أعباء على مرحلة ما لن يخدم حضورهم السياس والعسكري مطامح الاوطان فلا بأس بتكريمهم وليشكر سعيهم ... فما بالكم بمن هم دون ذلك وإن تضخمت تصوراتهم عن ادوارهم وذواتهم وصعروا لنا الخد كل حين وحيثما تلامعت الكاميرات .

لا زلت يا وطني اراك مملوءا بالعز والثورة ... ولكني اخشى أن يشفط الكأس من لم تقطر منه الدماء ولم يذرف دمعة !!!؟؟


29 - 9 - 2011
->إقراء المزيد...
Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art