الثلاثاء، ديسمبر 14، 2010

قورينايكي * " مصعد جبل الرخام "

  

قورينا

 

انعطفت بنا الباص الصدئة بعد عدة محطات من التوقف الاضطراري يسارا تاركة الاتجاه الرئيسي من الطريق لعربات أخرى ظلت وراءنا تنفث أدخنة الصبر وهي تنتظر نضالات سائقنا الجامح لخضنا وخوض التفافة مجنونة خارج الدرب من دون أن يصطدم بقطيع الأبقار العجاف وهي تلعق الوقت وعجولها على قارعة الزفث ..

الأبقار استحوذت على الطريق من دون أن تمنحنا أي قراءة مفيدة من مقدمة أو مؤخرة اهتمامها ولو بهزة ذيل أو بخوار اعتذار وهي تتداعى بجسارة سافرة على الطريق المخصص للبشر وعجلاتهم ,, أخيرا خلع السائق قناع حيائه وشق بسبابه صمت الراعي وعصاه ,, صارخا بموكبه الرعوي الأصهب ومتجاهلا تلويحه بما تبقى منها ليقسم دولة القطيع نصفين ,,, لقد مررنا بحماقة خطرة لا تساويها طيشا إلا عربدة البقر ونزق الثيران على حواف الإسفلت الزلقة ..

أخيرا أبدت البقرات امتعاضها من تزاحم ذوات الأربع المطاطية " السيارات " وما يضخه السائقين من زعيق بأبواقهم وأفواههم ,,, ظلت تراوح بين حافتي الطريق وعلى شفا الانتحار متأبية عن الحركة .. وكأنها تعلن عن احتقان المسار واختناق المنفذ ...

بعد دقائق مرت كالقرون من خوارية البقر والبشر تاركين بالوراء أصداء السجال الحانق تتصارع على أذان الفراغ ... عبرت بنا الباص المجنونة نحو شارع ضيق ممزق بالأخاديد والحفر المغرورقة بمياه تثرثر في الصمت قطرها بعد أن انحدرت من خدود مجاورة كدموع للسفوح الكلسية اللامعة ومن تلال الخضار المقوسة على خط الأفق أسفل بقع السحب البيضاء المتكاثفة كالدخان على الزرقة الخريفية الفاقعة ,, ..

تسربنا بهدوء كأننا نعبر إيوان الزمن بين عمودين تشجرا باستطالة أفق الغابة المحيطة , كما لو أن الماضي غرسهما جذعين من رخام معرق لا يذبل واغتسلا للتو من غبار التاريخ بوابل مطر فأطلا كبوابة باسقة ,, حف شجر الصنوبر والأرز جانبيها بظل مهيب واكتظ تحتهما عشب غضل ..

لوحة كهذه تستدعي للذكر ترانيم المراثي وحوارات المواجيد التي ضمخت رسائل سينيسوس وجاسون ماجانوس وهيباتيا بالصور القورينايكية الباذخة ,, كما تناضح فيها مداد الحسرة من سطر إلى سطر ومن جيل إلى جيل ...

حتما كان هنا من يقرأ شيء كهذا في عشايا الخريف الباردة للغيم العابرة والتماثيل الساجية مقاطع بنعومة المرمر وبهاء العاج وهو يمر بالأضرحة المسكونة بالأرواح الطيبة عند تخوم النيكروبولس الحجرية ,, ولعل عابر شاعر التقى بنصوص كاليماخ وهو يصعد صوب القيصرية باتجاه شارع باتوس الأول المزدان برواق البواكي المعمد والمتوج بوجوه هيراقليز البطل وهرمس الرسول قبالة الغرب والشمس تسدل لفامها على كل الحوائط البيضاء وبلاطات الموزاييك المضففة بحوريات الفنون وبيثيات بندار المجيدة ...

هناك حيث اكتنزت عمائر قورينا بمآثر المرمر على نيكسوس الأبطال ونقائش التتويج لأجساد وأرواح رجالاتها المحلقة على رؤوس تلالها ,, فما سمعته الفضاءات المرة عن فلسفة اللذة يقارب شهوة الإنصات من مجالس البازيليكا إلى مطارحات مسرح السوق وسجالات خطباء الرعية قبالة شرفات وأبراج الأكروبولس ... كأنني بذبذبات الصوت تعيد صداها بفقاعة الهواء القديم التي تحوم فوق مدينة الجناح الرفراف كما سماها وصورها الشعر ليؤسطر لقصة التأسيس ,, كأني بالندى السائل على وريقات التين والعنب الذي تشربته الأغصان يطرح إزهراره فلسفة يانعة ولذاذة أناشيد وأشعار طازجة تنكهتها مدونة الابيغرامات بذائقة خالدة تحت ظلال الأرز الليبي قبل أن يرفع أي تروبادور عصروسطي عقيرته بالشعر المغنى في الدغل الأوربي ,, فتلقفته الأزاميل مواضع لطرقها الإيقاعي على جلاميد الجبل وهي تفرغ الصلد عن الجمال المكنون والناعم ,, كما تلقنته مناقير العصافير سقسقة مجيء لكل صباح رطب تنزل فيه الشمس اللوبية بأجوراء المدينة الكوزمية لتمسح بالدفء والنور عن نقائش هياكلها نداوة الجغرافيا وخدر التاريخ .... كأني ببنداروس الشاعر الكورالي وعازف الناي شاخصا عند عتبات مكتبتها الحجرية يطالع ما نقش على أسكفة الباب من شعره فيها :

.. " فكما لا يوجد بالنهار في السماء، أي نجم أوضح أو أكثر إضاءة من الشمس، " ..........

 

 

"من صغائر الأمور أن يهز رجل ضعيف مدينة بأسرها، لكن تأسيسها بعد ذلك على أساس متين

يحتاج إلى جلد ، إلا إذا وجه الله يد الحاكم بعون مفاجئ" ..........

(( بنداروس . 522-438 ق م ))

أو كما سلم كاليماخوس برمزية على قورينا

 

سلاما يا ربتي ,,,, ولتحفظي هذا الشعب في وئام ورخاء ,,,,,,

ولتفيئي على حقولنا بما يجلب السرور علينا جميعا ,,,,,,

ولتهبي أبقارنا قوتها ,,,, ولتفيضي علينا بالقطعان ,,,,,,

ولتجلبي لنا سنابل القمح ,,,, ولتهبي لنا وفرة من محاصيلنا ,,,,,

ولتحفظي لنا السلام ,,,, حتى يحصد كل من يزرع ,,,,,,,

أكرمينا يا مليكة الربات ,,,, يا من نصلي لها صلوات ثلاث ...

(( كاليماخوس القوريني 265 قبل الميلاد)) .......

كنت قد حجزت هذا الباص منذ عشية الأمس وفور وصولي حدائق الهسبريدات ومهجع تفاحات هيراقليز الذهبية ( برنيكي = بنغازي ) من رحلة الثمانمائة فرسخ الأخيرة قاطعا كالسهم قوس الصحراء وأستار الغبار .. فتذكرت فيها ما قاله عنها كاليماخوس مادحا مدينة بشخص من تسمت باسمها الأميرة برنيكي والملكة البطليمة :

 

 

ما زال فوح العطر في ردنها ,,, يلهي العقول ويسبي الناس وجدانا

جذلى "برنيكي" أخاذة ,,, بين الحسان زرافات ووحدانا

ما كانت الفاتنات إلا بها ,,,, تدعى حسانا وكان الحسن فتانا ....

(( كاليماخوس القوريني 265 قبل الميلاد))

 

 

ظللت على هذا الحال متربصا اشتعال الباص الخامدة , ارمق على مضض وجوه الواصلين والمغادرين كناظر المحطة الذي تخيلت وجوده ولم أره ! ... لم تتزحزح مطيتنا من مكانها إلا مع أخر الليل بحجة ناقصة تقول بضرورة تمام نصاب المغادرة , وهو أن تكون كل المقاعد موجودة وكل ركابها عليها .. لم ينجح السائق في الحصول على أخر راكبين وظللنا ننتظر قدومهما حتى فاض العرق واحتقن البول .. لم يبادر أحد من الركاب بمخاطبة السائق بشان التأخير واستعجاله للانطلاق ,رغم أن الملل كان يتسرب من وجوهم كالعرق ويتربص الغضب بأفواههم المطبقة لتحرير لعناته.. لكن ثقافة الصمت كنز والخوف نعمة أخرست ألسنتهم وسعرت ببواطنهم حربا داخلية بانتظار كلمات المخلص أو مجيء مدد الركاب المنقذين من هذا القرف النابت بألسنتهم كشوك الصبار..

ركنت إلى الهدوء بدماثة مضاعفة بعد أن نالني ما نالهم من تململ ثقيل وتبرم مقيت,, لكنني تيقنت بعد مهب من الشك أن لا ريح ستأتي بمسافر غابر ولا سماء ستمطر حقائب مستعجلة ,, فعزمت على حلحلة الموقف بغواية المال وتذويب هذا العناد المتكلس بجمجمة هذا السائق النزق حتى الضياع والسفسير حد الهراء .....

بالعين الأخرى كانت بصائر رفاقي الركاب بإغفاءة مفتعلة الإغماض ولا يلوون على شيء من أمامهم ومن ورائهم , ثلاثة من بني ترابي , من الليبو الأشاوس كما رسمتهم الملامح السلالية والعلامات الفارقة ,, دمغتهم الكآبة والصمت بختمهما الوطني جدا .. البقية من العمالة المهاجرة وأصحاب النفس الطويل بالمحطات والمعابر والبوابات كمستغربين عتاة ارتادوا التلويح على ضفاف الانتظار بالطرق المعبدة والمجعدة .. بجلد ومجالدة ترسبت بآداب السفر عندهم وبفهمهم خبرات انتظار مكتسبة ومتطورة وقابلة للتمطيط بطول أي طريق وعرضه ,, كنت أراهم كالثلج الصلد , برودة لا بياض رغم سمرة سحناتهم المتنطعة بالقلق المزعوم .. بدوا غير مكترثين بالوقت بقدر ما يحسبون ما ستنفق جيوبهم التي جعلت لدخول النقود لا خروجها..

قلت للسائق بلغة رقمية يفهمها : " لننطلق وسأدفع لك ثمن المقعدين الشاغرين فما رأيك ؟ "..

رد منفرج الأسارير وكاشفا عن أسنانه الصدئة جميعا وحتى المذهبة منها ولأول مرة منذ لقائي به عشية الأمس, نفث بوجهي رصيد رئتيه من سيجارة ملتحمة بشفتيه وتتدلى كمدخنة مائلة قائلا " على كيفك يا سيد سنتحرك فورا فاصعد إلى مقعدك بينما اسكب بعض الماء للمحرك كي لا يعطش بالطريق وحتى لا تلهث السيارة ككلب بسبخة .. ثم أطلق قهقهته متوالية هاءات بالكاد ازدرتها " هههههههههههه"... فقلت لنفسي جميل أن ينجح المرء بتدوير عجلة الخبل على محور العقل وبتحريك بندول السكون في مكان تقرفص زمانه مشلولا أمام سالكيه .. فأحسست وكأنني اصعد الخطوة الأولى في رحلة المائتي ميل الأسطورية.. وبأن الوصول حتمي مهما تطاولت المفارقات ..

كثعبان متهالك كانت الباص المخردة بمعايير الصلاحية والآمان لو طبقت تبث أصوات وجع الحديد بمفاصلها المفككة ,ويجاوب صدى زحفها على درب الحفر والحصى بعظام الركاب على ظهرها الهزاز,,.. في طقس جمبازي كهذا تصبح كما لو كنت بجوف المحرك وسط تروس من الضجيج الشرس تكفيك مئونة السؤال كإجابة صارخة بك لتصمت في صمت ولتنام من فرط التعب والجنون أو لتصبر على هذا الوضع المقفل بانتظار قاع الوصول كدلو ماء أخير سيطفئ محرك لن يسكت إلا بعد نفاذ أخر اشتعالات وقوده الصاخبة .. أو موت السائق وراء مقوده بسكتة دماغية وتدحرجنا جميعا إلى قبره السحيق عند أول منعطف للتهلكة .

رغم كل هذا الاعتصار العاصف بدت الساعة الأخيرة للعتمة مسرفة في التلاشي وهي تشير إلى مواعدة وشيكة مع الشمس .. وئيدا تصاعدت الهالة وهي ترخي من قرصها اللامع خيوط النور على مسداة الهضاب المشرفة على الدرب الغبشة أمامنا .. بعيدا عن نقطة الانطلاق بسطر الليل الأخير مع بطء الحركة وظلمة الخط ,, أخيرا ولجت بنا الرحلة صفحة الصبح ..

كانت قفزة ضوئية مثيرة وكنت في طقسي الدمث وفي لياقة ممتازة ولعلها مرنة بالقدر المناسب للتعاطي مع الرحلة ومفاجأتها .. برودة الطقس وجمال الروابي والأحراش المتصل بلا قبح أو انقطاع منحت لأعصابي ومزاجي هدأة وبرد وسلام باطني كما كان للسوية الحاضرة بطيب المشاعر حيال الرحلة برمتها وغايتها ما يكفي لجعلي بشهية مفتوحة أيضا لالتهام كل المنغصات والمثبطات العجيبة التي ستلتئم بمحيطي وأمامي ..رغم صرامة الاستفزاز المتربص بصبري إلا انه لم ينجح في نخري بالهشاشة أو وصمي بالانهيار وأنا أخوض اختبارات الصمود في رحلة استكشاف لأوابد الحجر مسافرا بين أطراف وطن لملمه التراب وتناثر بشره وحجره على رقعة التطواف,, احتاج خرائطه , سجلاته , ألبوماته , لأبصم عليها بأصابعي ولأراه كما ينبغي له ويجدر به .. شاهد عيان يحفر في زمنه وأرضه ,, كابن تراب يعرفه ويقدر مكنونه وذخائره ,, ولأتنفس فيه مروج روحه وهي تأترج بين أحضانه المترامية ..

ظللت على هذا الحال أنبذ شيطنة القلق مستبشرا بكل التعب , نافضا عني وعثاء السفر وراء كل متر تعبره عجلات هذا الباص العجوز.. وهو بالكاد يصعد بين تجاعيد هذه الجيولوجيا الهرمة منذ ما بعد الطوفان العظيم ..

إلى ناحية منبسطة ومنخفضة هوت بنا الافعوانة التي نمتطي حتى أن أحد الركاب بمؤخرة الباص يبدو انه كان شاردا أو نعسان كاد أن يتدحرج من النافذة ليرتمي بظهر السائق كدمية بكماء ,, لم يصدر عنها غير آهات متباعدة وخافتة سرعان ما عاودت السبات بمقعدها الخلفي وسط أكوام الصرر والحقائب المزدراة .. فقط نوبات الشخير ظلت تكسب الراقد هويته الآدمية وتعلن بقائه على قيد الامتطاء " كراكب مغلق العينين , مغلق الفم يعزف بأنفه لحن الوجود" ..

كانت الأرض معشوشبة ورطبة نزلت بأحضانها قبيلة خيول طليقة السراح والصهيل ولم تسرج لبشر قط ,, ربما أهملها تاريخ الفروسية والفرسان فارتدت إلى عصرها البري جامحة لا تروم المروضين.. بالتفاتة حذرة ومحذرة بعد أن تفطن لاقترابنا منه ,, أطلق قائد القطيع صهيل البراري في أذان أفراسه محددا نطاق السيطرة على المكان بسلطة الفحولة ومحدقا بوجه عجلات الباص المهترئة التي اقتحمت حماه ككائن غريب وسمج يتحرش بزوجاته ..

احد الركاب حاول الوقوف ومد رأسه من النافذة لمتابعة هذا المشهد الخرافي الذي حدثته به رفيقه الملاصق للنافذة ..لكنه تهاوى بقوة على مقعده بعد أن ترنح الباص وانغرزت إحدى عجلاته بحفرة مخفية غطاها العشب بخضرة زائفة .. كفارس مبتدئ طفق باستحياء يتحسس كدمات نالت من رأسه وظهره فيما عيون من حوله ترمقه بالشفقة والاستغراب معا.. راكب ظريف قطع صمت الموقف وهو يكركر بلكنة ساخرة " يا رجل تشبث جيدا بسرجك فركوب مثل هذا الباص فروسية أيضا ".. لم يرد الراكب الكسير إلا بالتفاتة حانقة ناحية النافذة ليبعد نظرات الآخرين عن مقعده الذي التوت الأعناق بحثا عنه ..

طيلة الرحلة كان السائق مهووسا بأزرار جهازه الموسيقى العتيق والمبحوح الصوت , فكان من حين لأخر يعاجله بضربة منشطة من قبضة يده محاولا إعادة الصوت إلى مكبراته أو تعديله بعد أن خذلته الأزرار رافضة الدوران مع رغباته الناشزة ..

كان صوت الموسيقى مجنونا,, مرات يرتفع ومرات ينخفض ولا نسمع منه إلا خشخشات حادة وطنين خشن يخدش الأذان .. بينما السائق يردد هتافات إعجابه المرة تلو المرة " الله يا شيخ الصديق الله الله يا بوعباب - مكررا لازمة تقول – " في مرشيدس راح توارى " ..

راكب بالمؤخرة العميقة كان يغلي على مقعده كمرجل , ما انفك ينفخ بخار الاشمئزاز والنقمة ويتمتم برأي فائر , قلما يهمسه بين رأسه وركبتيه كمشروع للقفز وللتمرد وسط جوقة لا تعارض النشاز واستمرئت مهادنة النغم والسائق الممسوس بالمزمار والهدهد الصادح ,, لكنني بفضول الرصد لصالح التدوين المؤجل أظنني سمعته يقول " فال الله ولا فالك .. هذا المتخلف المخبول سيطيح برؤوسنا جميعا من هذا التابوت الذي يحشرنا به . أو لعله سيدعو شيخه الصديق مستعجلا القضاء ليصلي على جنازاتنا وبكلمة تأبين ملحونة من قاموس اللغة الحدودية ومفرداتها الهجينة بين الدارجة والمهربة " ..

لم يكن السائق المهذار مهتما بأحد عدا أمرين اثنين من شؤون السيادة وطقوس الاعتداد بشخصه المهيب كزعيم أبله لهذه الرحلة البائسة بمقياس المتاعب والمرضية لي كمجال للتعالق الحي مع الطرائف والاستقبال المباشر للمناكفات والمقالب .. مرات يجهد أصابعه بتعديل شواربه الثخينة وفتل نهايتها الرفيعة.. ثم لا يتحرج من أن يحشر إحداها بكهوف منخاره كملاقط تنظيف تكاد أن تخرج من أذنه .... ومرات يستغرق بحك فروة رأسه وبضبط تموضع شنته القرمزية* وفق إيقاعات مزاجه الطربي كلما داهمه من الاستمتاع طائف نشوة فيحركها إلى الأمام حتى تكاد أن تلثم أنفه المشرئبة وراء سحب الدخان المتصاعد من كل ثقوب جمجمته .. لم يفوت سائقنا الهوائي فرص عديدة لسب وشتم السائقين الآخرين على الطريق اثر أي مضايقة يقدرها بحنكته ونرجسيته الصادرة عن دائرة الصلف ,, فكان يصب جام غضبه عليهم وعلى شنته قاذفا بها حيثما اتفق ككرة صوفية مترهلة ,,, لكنه سرعان ما يعود ليطلب من أقرب راكب حطت الشنة بمرماه أن يضعها على رأسه فيعاود نفخها بعنجهية مضاعفة ......

كوب الشاي الخاثر الذي يضعه أمامه ,,منحه الكثير من الشراهة ليشعل الجمر من الجمر..فسجائره تتناسل الشرر من بعضها ..لكن العجوز الذي اندك بالمقعد الذي ورائه قفز لمرات عدة مذعورا من سباته وأطلق من السعال ما يكفي لاستفاقة سكان مدينة " ظنا انه البارود يكح أيضا وأن الطليان عادوا كقطاع طرق" ..

عقب عدة صليات من السعال الخارق استنفذت رئتا العجوز مقاومتها لزحف سحب الدخان المنبثة من خيشوم اللواء " بوشنة " فانخرط في دورة إدمان متحركة نجحت في ترويض أنفه وتخدير قواه فلم نعد نسمع منه أي نفس أو حس .. حتى ظننت انه قضى نحبه لو لم أراه في أخر الرحلة يبصق شحنة تبغ مستهلكة " مضغة " كانت مدفونة بفمه كخرطوشة من الكيف العشبي .. قذفها بقوة الصاروخ بعيدا فهوت كقطعة لحم مجفف " قديدة " اقترب منها قط عابر بخطوات حذرة ,, لكنه عند حافة الانقضاض راح يجسها بذيله مرة وبمخلبه مرات ..

تشممها وقلبها برجليه ثم التهمها ظنا أنها من اللحم لكنه عاود بصقها وليبدأ دوى أخر من مس السعال بصدر القط الذي فر بعيدا وهو يتقافز على نحو غريب , يتلوى كأن روح العجوز قد نفخت أحشائه ,, بدا كبالون بذيل ... تركله الريح والآلام وهو يختفي رويدا رويدا بين شجيرات الكليل المتكاثفة وهشيم الدرياس الذابل بحمرة ثماره من أثر الصقيع الحارق .....

 

لم نصل الوجهة بعد ومازالت البوصلة مفتوحة على كل الاتجاهات !! ؟؟....

 

 

* / الشنة : طاقية صوفية = غطاء تقليدي للرأس من الزي الشعبي الليبي

 

 

*- نشر بموقع جيل على الرابط التالي :

http://www.jeel-libya.net/show_article.php?section=5&id=24022

->إقراء المزيد...

الجمعة، سبتمبر 03، 2010

مساورات من آب

 

 

مساورات من آب ph

ــ8ـ0ــ*ــ2010ــ

 

"  مساورات من آب  "         


الحبيب الأمين                              
 

 

 

( نيزك ذاهل )

.... عرس النجوم ووشمة القمر على سقف البلور

حول البحر يتخاصر الموج للرقص

بينهما تهوم صبوات نثار واهنة القدود

وفتيل فيض صموت يدندن على الرمل لحنه

الوحشة الساجية ترصعت بشرود لامع

أنا وفص ذاهل نشهق ملء الأصابع

وحظي الأزرق يجس العروق

يسأل كفه وخد الملح ....؟.....

.... هل ذاب الخاتم في بدئه ؟

ــ,, ☼ ,, ــ

( أنا والليلك )

..... يؤرق الشعر " مرجانه القرمزي "

بدغل الموج ,,,,,,,,

تأتي القصيدة بوشاحها الليليكي

خرز الزمان وريشات الرخ .....

بأصابعها الزرقاء تخلع لجتها عن اللازود ...

بروحي يغرق البحر .. !!...

... وحورية المحار ..

بالخاتم ...

تسكب السر ...

... بين حبر الموجة وسطر الرمل الأخير..

.. هامش قزحي ,,,

بخط الجزر

.. تتهجأ البصمات,,,

... ( SOS ) ....رسالة أصابع ,,,

" لكف المد " ...

.... " مالحة الأنواء ,,

لكن أشرعة السكر عائمة " ,,,

متشائلة المرارة بحلق الريح !!

..... ضحكت شفاه القنينة

بعرض الحظ ــــ .

اليأس بعنقي !......

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( بلازما صفراء )

المتوسط وحصان البحر في رهان مالح

على قصب الغرق...

لا موجة متوسطة تربح بالبحر الهائج ...

" كأس الشراع " !!!

قبطان البوصلة بشارع الشط

يذرع السباخ وترسانة الحظ ....

تصافعت الكفوف

ضحك الذقن وصعر الخد ..

فمن نفخ وجه البحيرة بالحيرة !؟

وقذف المجداف أحجية في المد !!!؟؟؟؟ ♑

هل ساحت الكبوة بالعدوة الأولى

بقع جياد بلا مايك ♌ !؟ ....

هل تزحلق الصوت بزبدة " ( لا ) "

وتخبلت وصلة الصاد بالصاد ؟ ..

تحت وطأة الياء !؟

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( راسم الفنجان )

.. قدري أن أخرج لكل الكوابيس حلمي المسلول ,,

شاهرا شمسي الأخرى لعجائز القيلولة وأعيان العصر ..

.... أنا ابن التراب يحرثني الزمن ,,

شاهد بور بأرض النواطير ...

بلون الحنطة عيني ودمعتي ,,

وبأهدابي يتأرجح ليل وقلق ثقيل

فتشوا عني في المقاهي ,,

ظهري للعتمة وعلى طاولتي ظل قبرة ومحبرة

اسمي سنبلة ونادوني " حنظلة "..

كلنا يا " ناجي " أبناء مرارة ,,

لا سكر في البن ,, لا حلو بالفناجين المقعرة " ....

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( يا عاقد الحاجبين )

....... هو جلي الحرف يتجلى فوضوي النظم

حتى ما وراء جمهوريات الشعر ..

منذ أن تبهتت الممالك العصماء

واعتنق مماليك الصدر عجزهم الحجري ..

منذ أن هامت اللغة على قعرها ,,

ونشرت المصائد جرائدها

أعمدة لوحيد القرن وزوايا للعهد الفريد ..

كلما نادت الكلمة صداها الأبدي ..

استقبلت في صوته ,,

وجهها المطوي ببرديات الأزل ..

هو زمن الشعر واللسعة ,,

هو زمن الإنسان المسموم

والملتوي على عصر الأفعى ,,

هو اللسان لا الممسحة ببلاط الفرعون ..

والطارق في الساعة العقيمة

عقارب السحرة ,,,

بكف نبي يصفع أمون ورع ...

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( كنت , كانت ,كان )

على الشباك يرف نسيم سهران ...

وباقة من حروف ترتعش

الستائر ممتلئة بالشعر وخيوط الفجر .....

الوسادة لم تحلم لرأسي الثقيلة

كنت أخف من ورقة وأسرع من لذة ....

كانت بصدري كلمات ترف ,,

كانت على النافذة ريشات قصيدة

وكان باب الحلم مشرعا والأمل هائما ملء جناحيه ...

في المرآة بدا الصبح أنيقا بنرجسية معقولة ....

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( حلم بمهد الميلاد إلى برج أمي يصعد )

.... بين غصنين رانحـــين في البـين ,,,

" لوح مفاتيــح مغـــلول " ....

نقرات مناقير بكوة الشدو تعب الصمت ,,,,

وبيت عنكب مشــدود الوهن .....

خشخشة تؤرق بجذع السكون

ورمـــاد الشوك محظوظ الصرير .......

.... على أرجوحة جانــحـة

أوتــار الريش ترج العيـدان

نسيــم الألــف والهــاء يهـب

... ما قبل الفيض هسيس حطب ,,,

ما بعد الجذب نور ونوار ,,,,

.............. أوراد بالروح تتأرج .....

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( سيدتي )

 

.... توهجت الهالة زرقة تلف لؤلؤة معلقة ,,

من رخام تورد الفيض طيف تلاوين

.. العتمة انفرطت مسبحة نجوم وخرزات بريق ,,

لدعاء الكروان توضأ السنونو بنداوة

تبرعمت على لوح البلور ..

وصلت أمة الطير على طرف غيمة والريح هيام ,,

طافت بالهواء ريشات حنين ,,

وطفقت السماء تخصف على عتباتها انبهارها الثلجي ,,

توشي محاريبها بوهوهات تهوم في بهاء صموت ..

النور المنبث توسد بكف الفجر

... أحجية النهار ,,

وعند وردات الأصيص

ترجرج وجه بالماء دوائر تعوم ,,

الشباك تفتح على أغصان التوت

وأفشى للظل النائم

سر القادم المشع ..

تمدد بخيال وضبط مع الشمس رنة رتاجه ,,,,

لازال مشهد الشهد يقطر

بين ضفة الوسن وأهداب اليقظة :

.. في لساني حروفها حلوة ,, في جبيني لثم رضاها ..

.. في مرآة النور بان محياها..

....... سيدتي تهمس بأصابعها لفمي المطبق

على الدهشة ,,

..... كنت على وجه البدر أراها ..

.... كنت أنا وإياها .. حانية تطوقني يداها ,,

جناحاها البيض ...

تغمس ببطء في النسيم رفرفتها ,,

تؤنس ليلة هادئة من آب الحامي ,,

 

ــ,, ☼ ,, ــ

 

( دلاء بلا رشاء )

كل ظمأ يرويه الحنين لبئر

ساورته فيها دلاء الغبش ....

كل فج ليالٍ عميق

واعده انتظار نهار

قالوا عن نهايته انبلاجاً ...

نخلنا مآبه ..... برسم البيكار

خرائط لحفائنا بوطن النعال .....

جوائح طافية بأرض القطران والقار ....

وزاد مسامير" لمتاهة الديجور " .....

 

 

توضأ بالغيم وطر 

-

 

* /   نشرت بجريدة إيلاف

ثقافات / إبداع
26 / 8 / 2010
"  مساورات من آب  "   

http://www.elaph.com/Web/Culture/2010/8/591824.html

-

->إقراء المزيد...

السبت، أغسطس 21، 2010

المثقف والغلطة

المثقف والغلطة *

بين الحرية والصمت والتسوية

المثقف والغلطة 2010

واصرخْ لتسمع نفسك ,

وأصرخ لتعلم أنَّكَ ما زلتَ حيّاً, وحيّاً ,

وأنَّ الحياةَ على هذه الأرض ممكنةٌ .

فاخترعْ أملاً للكلام ,

محمود درويش

في خضم القطبية المستوحدة والمستحوذة على المغنطة لكل المجالات والتيارات, الآسرة للشاردين عن متن الحديد وتحت وطأة البحث بين دروب الجمر عن سبل للعيش بأي زاد أو رماد ولو بالتعايش مع الخبز وحده ... ليستعر الفرن وليحيا الفران ... لا حياء يواري التعفف ولا صبر يحصد الجود من أهل الزمان وأصحاب المكان ...

ومع زحام التجاذب الثقافي لتلابيب التنافد عبر مدخلات الحضور بأي ثمن , وحيثما كان امتطاء الكوادر بمقصورة الحكومي للتحول إلى تكنوقراط خدمي رادع وموجه من جنس الحبارين .. ينخرط البعض بالشد على أستار المشهد كسادن بيروقراطي يتمسح بقرطاس وقلم لصالح وراقة مدجنة السطور ومهجنة المتون برأسمال الإغواء وخرائط الاحتواء .... ربما يكون هذا ما كان يعنيه ادوارد سعيد بقوله :

" حين أقرا جان بول سارتر أو برتراند رسل , إنني أجد أن صوتهم وحضورهم المتميز والفردي هو الذي يترك بصماته علي فضلا عن أرائهم لأنهم يفصحون عما يؤمنون به. وعليه لا يمكن أن تخطئهم فيتساوون عندك مع موظف مجهول أو بيروقراطي متكلف " .

" أي ماء يدور في وجهك الحر

إذا ما امتهنته بالسؤال "

ديك الجن

لا ريب أننا بصدد مسار مأزوم وملتوي على الشلل - لا حراك به - بشللية أرجله ورجالاته .

من هنا تبدو المشكلة رغم تعدد أشواكها وصعوبة الإمساك بلبها الشائك أيضا , إذ لا ثمر في الثمرة, ولا أصداء لكل هذا الطنين حول ما يتورد بعين البعض , مفقودا القفير ولا شمع عسل .

ولكن يروق لي طرح السؤال التالي باستفهامهما المتشــظية ـ. - . _ . _ . ـ ؟

هل حرية الفعل الإبداعي كامنة بروح المبدع وبوجدانه الجياش أم هي تقديرية بكفه المبسوط للأخذ أو المرتعش من الكي ؟. أم هي خاضعة مع كل عملية إبداعية مخاضية للتكييف مع المزاج السائد وبكل أريحية ومراعاة لمحاذير البوح ؟.. وهل هي معتنقة بذاتها للقياس - بدقة المقاول قبل أو قبيل اعتمالها - مع ارتفاع السقف المتاح أم مع مسطرة رقيها وحالة الرضا لدى مبدعها عن معمارها. بعد معايرة خامة خطابها مع جدول المواصفات المعتمدة محليا !؟. هل نحن بحال , بزمن , بمناخ لا مواسم له لتقديم إبداع حسب القياس وحسب المناسبية وحسب الطلب ومضمون التسويق !؟ . ما يستدعي للصورة مفردة أدق ولو كانت باللكنة المصرية فنقول " صار المثقف مسقف " ..

أظننا بهكذا توصيف رياضي الحسبة لواقع مفلس سنكون أقرب لقواعد علم اقتصاد السوق وتحليلات البورصة للأسهم الأكثر مبيعا وربحية !! ....

فهل يعمد المثقف المبدع إلى تسقيف وعيه بيديه وتسوير انفلاتاته وتحيين وتقنين مداه بخطة سير آمن قانعا بما سيمر به من إشارات ضوئية ( أحمر أخضر أصفر ) ؟..

عندها سيكون المثقف بالفعل " مسقف ومحال للانهيار أيضا "

من هنا نلحظ الحض بكثافة ومباشرة عند سعيد نحو تبني أسلوب المفكر المثقف المعارض بذاته كسمة مركزية لموقفه بالمعنى العام الواسع. أسلوب ومنهج المثقف الحقيقي مهم في توصيف المثقف وإبرازه : فهو لا يسجل تميزا فريدا عما يحيط به من التجانس الموجود والتخصص والمهنية بل يسجل أيضا رفضا لقبول امتيازات السلطة وإغراءها وضغوطاتها.

أن أزمة انعدام الحرية الفكرية الإبداعية أو قولبتها تحت مسميات أخرى - لا تكتل غير هشاشة واضعيها - تعكس أزمة الوعي بفقدانها والحاجة الملحة ودائما لتحسس وجودها من عدمه - أي حرية التعبير . وهل أنت حر إبداعيا ؟ – .

" لا تكون للمنفى حدود مكانية. إنّه مقيم في الذات المحرومة

من حريتها الشخصية في التفكير والتعبير، بسبب إكراه السّلطة

السياسية أو سلطة التقاليد. يحدث هذا في المكان المضادّ، تعريفاً

للمنفى. يحدث هذا داخل الوطن "

محمود درويش

أهمية الحرية كقيمة لازمة للعقل ومفعلة للإبداع الإنساني وفاعلة فيه بالعموم والتفاصيل وهذا بلا شك أمر مدرك وثابت أصيل باستدلالاته وشواهده التاريخية , حقيقة لا ينكرها ولا يقفز عليها أحد وحتى ما عرفناه من نصوص وذخائر إبداعية بجراب الزمن وبعضها دونت تحت هول السياط وبين القضبان خدمتها قيمة الحرية وإيمان كتابها المطلق بها ولو على صعوبة دق بابها المضرجة بالحبر أو الدم . إذ لا أتصور أن القاعدة وعكسها ستفي بالغرض لنفي الحرية كمجال حيوي للإبداع وإن أنتج منه تحت نير العبودية وفي دياجيرها . تبقى الحرية محفز وملهم ومصدر ومجال ككل لا يتجزأ .

مما سلف ترسب قيمة الحرية كالدرة الثمينة على جيد أي إبداع ليس بالضرورة أن يكون للحرية كقيمة ارتباط بموضوعة نصه ولكن ما يهم بالإجمال أن تتوفر للمناخ حريته وللمبدع كاتبا أو قاصا أو شاعرا وصحفيا أيضا إرادته الحرة على أي إجناسية إبداعية كان اشتغاله وحط انشغاله , ولست هنا بصدد الحديث عن الإبداع ما بعد مغادرته بالقلم ولا عن ما سيعترضه في طريقه للبوح أو للنشر من رفض أو قص أو تكييف أو تشذيب وتهذيب وإصلاح - " بالسجن كعزلة ذاتية أو بالاعتقال والحجز الجسدي " - , وحتى ما قد يتعرض له الناص من مساومة معلنة وضمنية ومن استلاب وقمع مضمر أو ظاهر ومن إقصاء مجاهر أو متستر ومن ترهيب وتعذيب وعقاب !! .

ولعل الارتباط العضوي بين ثالوث الحرية والرأي والضمير يحيل إلى تفسير مقنع لما يبديه المثقف من وعي ومواقف لا نجد لها من مصدر وملهم ومحرض غير الالتزام الأخلاقي ونزعته الفطرية الإنسانية ... لان كون المرء مثقفا بهذا المعنى الحقيقي يتضمن اختيارا شخصيا عميقا- مسالة أخلاق بالمعنى الحقيقي وليس المعنى اللاواعي واللاسياسي للمصطلح- وهذا ما يقول عنه سعيد إننا نجده عند الفرد النادر الاستثنائي ذي الالتزام والنزاهة الضروريتين لتنفيذ مثل هذه المهمة الفكرية والمهمة السياسية. فالمثقف الحقيقي، برأيه هو شخص لا نظير له ، شخص يمتنع عن الارتباط بأحزاب منظمة، وجمعيات وشبكات.كما يؤكد أيضا على أن المثقف المنغمس في المصلحة العامة ليس مجرد معارض وحيد متفرد فضلا عن كونه فرد متفاني – أيا كان عظم التزامه لأهداف وقضايا عامة كبيرة، و أيا كان مخلصا لجماعة واسعة وللمجتمع- بل انه يقدم وينمي أسلوبا فرديا متميزا وحتى فريدا جدا.,,,,, ويرصد سعيد الخطر الأساسي الراهن الذي يواجه حرية التعبير للمثقف اليوم لا يتأتى من مصادر خارجية بل من ضغط خفي مخادع : هو إغراء الصمت والتسوية، أو بمعنى آخر ما يسميه بالجانب المظلم للمهنية والحرفية، المتمثل بالتفكير بعمله كمثقف يقوم به من أجل كسب معيشته ، فنجده في ساعات الدوام الرسمي موزعا انتباهه بعين مسمرة على ساعات الدوام وعين أخرى على ما يجب أن يكون عليه السلوك الوظيفي المهني السليم- بحيث لا يثير اضطراب قارب التيار السائد ولا يبتعد خارج الحدود أو الأطر المقبولة المتعارف عليها، وأن يتمكن من تسويق نفسه وأن يكون مقبولا ، وبالتالي غير مشاغب ولا سياسي وأن يكون موضوعيا,,,,.

" العبد الحقيقي هو الذي

لا يستطيع أنْ يعبر عن

رأيه بحرية ". أوسكار وايلد

يجدر بالكاتب والشاعر والفنان الحر والمستقل " بإبداعه " كمنتج باطني المنشأ إنساني الانتشار , أن يحتقر التمحك ويعلو على هناءة الوثير المحشو بالملق وينأى عن كل شبهة استعطاء واستعطاف كي لا يتبلد فيه الحس السامي ويتناثر وعيه الفطري بلادة مكتسبة بلا وجه أو وجهة بلا لون أو موقف. عليه أن يعلن في داخله ونصه انتصاره للاستقلالية في الفكر والحرية في التعبير وتناول همومه وقضاياه وانه مع التحرير الكامل للجمالي وإطلاقه انطباعيا متوفرا بالذائقة للجميع .. انه الوحيد المخول لذاته إعلان حركة عدم الانحياز للسلطة أيا كانت عروشها أو مآثرها ومهما علا مثالها لو توفر ! ,, وانه لن يرضى بالانضواء كأجير أو بوق أو مصفق أو مداح , فهذا ليس من دوره وليست قمة مبتغاه , انه في حالة قراءة لزمان يستغرقه ومكان مفتوح لولوجه كيفما شاء ومتى أراد لا يمكنه وهو فيه أو حياله أن يتناسي دفتره , قلمه , وريشته ليروي رؤيته تاركا للناس والتاريخ نخلها والحكم عليها كتجربة إنسانية له لابد أن تتكاثف فيها تجارب آخرين أو تتماس معها ولو بخط موازي.

" لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه "

المادة الثالثة من الإعلان لعالمي لحقوق الإنسان

إن تصدير فكرة التحلل من الدور الرمزي والوعظي للمثقف التقليدي التي تساور بعض المثقفين لا تفيد إلا في نسخ التطابق مع فكرة الزعامات وتقلبات أنظمة الحكم العربية في المسار والموقف بالمطلق والتي غادرت موضة النضال وتحررت من تراثها البطولي إبان عهود المنصة وخطابات الراديو المطولة وباتت عارية من أي توت شريف يستر عوراتها الشائكة ويكنس فضائعها اللإنسانية ,, فكأن العقل العربي وما ينضوي تحته من كتاب ومبدعين ومفكرين من كل الأطياف والمشارب على موضة أصحاب الصولجانات العربية الحاكمة الذين بعد أن طافتنا أشرعتهم وأغرقتنا في حوض القرن الماضي بمحاليل الايدولوجيا ا( الماركسية بطباعتها اللينينية والماوية والاشتراكية التلفيقية من هنا وهناك ) ونافحت عن العرق والقومية ( ببعثيات بغدادية ودمشقية ) وتحركت على مسطرة الاتجاهات ( بين اليسار واليسار ولا يمين لنا إلا الخونة وهم في أحضانهم اليوم يرفلون ) قد ملت المقاومة وتنكرت للكفاح وتلبست الخنوع والخضوع وبات لزاما أن يختم المنتج الثقافي أيضا بكل إكسسوارات هذا التحول وتعويم المثقف كبوق ومداح يحتاج إلى المعونة والعمالة والتطبيع أسوة بسجانه القديم وحاكمه الوارث والموروث في الراهن الاضمحلالي ....... فلا أنسنة للوجود ولا وجود للقيم والمثال ولا راشح من قماشة الأبجدية ورقاع الكلمة إلا آسن الحبر وراكد المعنى ولا تعويم إلا لكل فج وفاسد ..

يقول جبران خليل جبران :

" وعندي أن الاحتشام في إظهار الحقائق الشخصية هو نوع من الرياء الأبيض المعروف عند الشرقيين باسم التهذيب !!! ... فلهؤلاء الأدباء المفكرين أقول : أنا أندب الشرق لأن الرقص أمام نعش الميت جنون مطبق . أبكي على الشرقيين لأن الضحك على الأمراض جهل مركب . أنا أنوح على تلك البلاد المحبوبة لأن الغناء أمام المصيبة غباوة عمياء . أنا متطرف لأن من يعتدل بإظهار الحق يبين نصف الحق ويبقي نصفه الآخر محجوبا وراء خوفه من ظنون الناس وتقولاتهم ... فإن كان هناك من يريد أن يبدل نوحي بالضحك ويحول اشمئزازي إلى الانعطاف وتطرفي إلى الاعتدال فعليه أن يريني بين الشرقيين حاكما عادلا ومتشرعا مستقيما ورئيس دين يعمل بما يعلم "....

الاستثناء الوحيد كان التحول مؤخرا- ربما لرهط منهم - كنتاج تثاقف مقلد أوبمدارسة مستعجلة وأغلب الظن انه بالنسبة لآخرين كثر مثل الملاذ الأخير للعيش بجبة مثقف حداثي فتعلقوا بقشة الليبرالية ( التي يصعب وصمها بالايدولوجيا وإن كان البعض يضعها والعلمنة بسلة كافرة ) في حاضر خدمته ثورة الاتصالات والمعلومات ليمنح للحريات العامة المكممة ألسنة مقال للقول والتصريح والإعلان بوسائطها المستحدثة والمتفوقة على أدوات وقوانين الصمت والصمم عقب تهالك الأسوار الحديدية الكبرى وتداخل قضايا وشؤون القرية الكونية بعضها ببعض رغم تماوج تيارات أخرى تلونت بالدين أو تعممت به وما باتت تعانيه الأنظمة الشمولية من حرج وخوف من الإفراط !؟ في استعمال قواها أو استعراض عضلاتها ببطش عصروسطي .. كما حركت العولمة وحرب مكافحة الإرهاب عناوين جديدة من حوار الحضارات وصراعها إلى نبذ العنف ومحاربة التطرف, غير أن انعكاسات بعض هذه التيارات والعناوين ومآثر العصر وانتكاساته أيضا قد استوردت لنا غضب الآخرين وانزعاجهم من ثقافة الكراهية والتي سعرت وعيرت وفق المراجع الغربية ولم تكن وليدة إعادة التموضع لاستهلاكها عربيا مدروسة كمقرر ذاتي المنهج لمثقف الأمة على خارطة الإبداع إلا بالقدر الذي ينجيه من معرة التملص عن يساره القديم وإمعانا في مواجهة عدو المرحلة المقترح والمتزمت الواجب النضال وهو التيار الإسلامي المتشدد - وحتى الوسطي والمهادن بمنظور البعض المتطرف أيضا - الذي ضاعف من قوة مراكزه وبات يمارس عليه كمبدع وبتصوره سياسة التضييق بالنيابة عن حكومتهما الأم اللاعبة بالدين والدنيا معا كيف ومتى شاءت.

لهذا ارتضى المثقف خيانة الفكرة بهشاشة صبر وبفجاجة خوض وبلادة حس , التقنع للحال والتعلق بأخر تجلياته وما لديه من مكنة الاصطباغ فأنتج تقنياته للتكيف مع الظلم والظلام ولا بأس من أن تنكس كل الشعارات وتطفئ كل الشموع .. المهم الحصول على الرغيف والباقي قبح الله ذكره نسيناه وفات زمانه ... فالقيامة غدا !!! ...

بالمقارنة نجد نفاقا كتابيا وخداعا عجيبا بالنص والصورة على مستوى البحث برتب الكتاب وطبقات الشعراء فهم لا يكفون عن الإعجاب بكتاب الغرب الذين يناصرون بمواقفهم قضايانا المركزية والفرعية ! ! وحقوقنا المشروعة والشرعية ! - (وهذا مؤشر مضلل .. كان أخر من رحل منهم الروائي البرتغالي خوزيه ساراماغو ) - ويكيلون المديح لحركات السلام بحدود وبدون حدود ومنظمات حقوق الإنسان والحرية العالمية ويشيدون بها , بل ويدعونهم ليحاضروا بأروقتهم وشاشاتهم الفضائية , ولو تفحصنا جل هؤلاء المهرطقين المتنطعين لاكتشفنا أنهم من الكلاميين المستقيمين الادعاء يمارسون الضدية على طول المشهد وبلا حياء ,, فان ناوشتهم الأحداث بإحراج واستدعاءهم الموقف الحر لمنبره ولصالح ما هو إنساني ومرتبط بقضايا الحرية وحقوق الإنسان بوطنه ولأهله تذرع بمنشة الجمال ونفضها في وجهك , أنا مبدع ولست مناضل !, أنا ممن يؤمنون بالفن للفن !, أنا أكبر من الظلم والفقر والجوع , أنا أفتش عن اللذة حيثما نهشت ... ولذلك يرى ادوارد سعيد أن الباحثين والكتاب، والمثقفين عموما يشاركون في إنتاج وقائع وحقائق الكون نفسها ؛ ولذلك فهم ليسوا ،كما يدعون غالبا، مجرد مراقبين معزولين موضوعين .

وكم سيصبح المنظر غريبا حين تكن على علم مسبق بأن البون شاسع بين ما يكتبه هذا الدعي وما يقرئه وبين ما تسمعه يردده بجلسة المقهى عن الحرية وأشعار نيرودا وكازانتزاكس وعشقه للشلطامي وأحمد مطر ومحمود درويش وناظم حمكت وطاغور وغارسيا وكويليو و ,, و ,, و ...... ,, وأنه يرى في " المثقف والسلطة " أنجليه وأن ادوارد سعيد هو الحواري الرابع عشر ... وكأن هؤلاء كانوا يقرضون الشعر ويطرحون الفكر بمواخير العراة وعلى عتبات مكاتب الوزراء , كما هم يتنعمون بديباج سرق من الشعوب ويسيحون في الأرض بأموال الجياع والفقراء ولا يحضرون إلا مؤتمرات وندوات المنبرية الجوفاء فلا يغيبون عما يحصد لهم الترويج بمتابعات الصحف وصور الصحفيين وهم يتصدرون الصالونات الأمامية ولا يحيدون بأعناقهم عنها قيد ربطة عنق , فتراهم بكل محفل وأمسية أعضاء رسميين الطبعة من الألف إلى الغثاء ,هنا لدعم للشعب الفلسطيني وهناك مع قضايا الحرية والتضامن مع السجناء والأسرى والمغيبين قسريا من بورما إلى هاييتي طالما كانت برعاية نظام رسمي ومجازة أمنيا وتحت سقف فنادق الخمسة نجوم ولا بأس إن كانت فوقهم صورة الزعيم المفدى قاهر القلم والحبر أو حتى نجمة داود لعلها توصلهم إلى محفل دولي أو نوبل بترشيح عاجل ... عند هذا الحد ستكون أنت وكل خلايا عقلك على محفة الجنون إن لم تقل لهذا المترزق : أنت من تجار الكلام والمرتزقة والقراصنة الذين افسدوا الورق والحبر ....

وهو يعلم أن إستيلاد حالة استقرار في علاقة آثمة من فوضى خصيبة الضجيج والتبعثر يشبه الوقوف عند الشاطئ المائج ورفض الرذاذ ولعن البلل ...

ولننظر إلى ما يقوله برخت: " وأسفاه للبلد الذي يحتاج عباقرة وأنبياء وكتاب عظماء أو إلهة ثانوية " .. وهي عبارة قالها تعبيرا عن مستجدات عصر ما بعد الحداثة أو ما يتطابق مع ما قاله فريدرك جيمسون ( ما بعد الحداثة ) فمجتمعنا - ( لاحظ انه يتحدث عن المجتمعات الغربية التي حققت الدمقرطة واللبرلة وراكمت من تيارات التفكير وأدوات التعبير الكثير ولم تعد إشكالية الحكم والحرية في أزمة ولا المثقف تحت طائلة القمع من السلطة الخرقاء أو الحكم غير الرشيد ) - لم يعد بحاجة لأنبياء وفحول من النوع الحداثي الراقي والكاريزمي سواء بين صانعي ثقافته أو صانعي سياسته. فمثل هذه الشخصيات لم تعد تحمل أي سحر أو جاذبية لأفراد عصر ما بعد الفردانية الجماعي .... رغم شكلية الاختلاف في الموقفين بين سعيد وجيمسون حيال صورة المثقف إلا إنهما ضمنيا متفقان على بقاء السمة الفردية بوعي المثقف وشخصيته وبانفتاحه وتعالقه مع محيطه ولكن دون مظهرية الوعظية والمسحة البطولية والدور الرسالي وهذا ما سيتضح في توصيف سعيد لما سماه بالأسلوب المتأخر للمثقف الحداثي وليس لما ما بعدها الذي نظر له جيمسون فلكل منهما إطاره الزمني لرسم صفات ودور المثقف ضمنه . وإن كان الزمن المعاصر يخدم بمجمل مجالاته ونشاطاته وقواه المهيمنة توجهات جيمسون وهو ما بات يعرف به عصرنا ويتسمى به " عصر ما بعد الحداثة " حيث صار الكل تحت طائلة التجريد والتشييء وحتى التسليع والتسويق مع صعوبة الاستقلال والانتشار بمعزل عن ميكنة الثقافة الخاضعة إضافة لأهواء الحكام وسياسات ومصالح الحكومات في بقاع شتى لكنها أيضا صارت تحت طائلة قواعد وقوانين الاقتصاد وهيمنة الربحية والمعايير التجارية وعولمة المؤسسات وحتى تزواج المال والسلطة والإعلام , لكن ومع كل هذا التحلل أو محاولته من صورة المثقف الادواردية إلا أن الواقع الراهن بصفته الما بعد حداثية لم ينجح تماما في مسح الصورة الحداثية ( الكلاسيكية ) ولا زالت الأمثلة تنبت وتنفي الاستئصال نظريا وعمليا كما هي الأحداث والمواقف تعيد الصورة الأزلية للوجود الايقوني على جداريات التاريخ التي تمجد المثقف الحر وأصحاب الفكر الحر وتحض على الرفض بالوسائل الإبداعية ( الآداب والفنون ) كافة وتبجل الاستقلالية للمثقف الذي لا زلنا نشاهد ونسمع ونقرأ انتقاداته للسلطة وتماهيه مع المواقف القيمية المثلى من الحرية والديمقراطية إلى تضامنه مع قضايا وضحايا الحروب وطلاب السلام والمساواة ورفض اللا عدل والهيمنة ودعواته لاحترام الإنسان وحقوقه ...

لذا لا يمكننا اللهاث مع كل تغير مقبول لسياقه الحضاري وحاضنه المجتمعي ويخضع لتطور تقاليد ونظم حياتية لأقاليم حضارية معينة لنطاوله ونقلده كما هو وبذات التوقيت والدرجة والمقاس واللون .. هذا تحديدا فيما يخص النقلة الثقافية مابين الحداثة وما بعد الحداثة مع خلاصة ما استغرقه جهد سعيد ومع ما طرحه من بعده جيمسون كمدخل لعصر جديد اسماه ما بعد الحداثة يتناسب تماما مع مراحل التطور الفكري والثقافي الغربي ولكننا حتما كعرب لم نعرف من الحداثة كمرحلة غير عناوين وافدة من عتباتها البعيدة ولهذا فان قفزنا إلى ما بعدها والمطالبة بعيشها كطور جديد لتطور غير موجود لأسه , لا يعدو أن يكون حالة التباس جديدة واستعجال بسبق الحدوث والتصور للقول بأننا سنركب العربة مثلهم ونحن لم نعرف العجلة بعد , فما بالكم وثمة بيننا من يجمع العصي لضربنا ولوضعها بالعجلة إن وجدت ولو بمخيالنا أو أحلامنا ...

وليس من موجز حكمة مكثف التشخيص لعلة النتاج الثقافي ودور المثقف كمحرض على البحث والتفكير وإعادة صياغة الرقعة الحضرية خاصتنا حضاريا فيما سبق عرضه من الكلي إلى الجزئي ومن العام إلى الخاص إلا في ما كتبه جبران لعله يعيين على تفهم مبتدأ ومآل الفوضى وعبثية المائة عام الفائتة بتكرار مقيم الدوران وتتناسخ أثاره يوما بعد يوم :

" ... وبالاختصار فالشرقيون يعيشون في مسارح الماضي الغابر ويميلون إلى الأمور

السلبية المسلية المفكهة ويكرهون المبادئ والتعاليم الإيجابية المجردة التي

تلسعهم وتنبههم من رقادهم العميق المغمور بالأحلام الهادئة " جبران خليل جبران

أن عمل المبدع ينتهي عند حدود دولة اللوحة ومملكة القصيدة ومسودات النص وهو مليكها المتوج , يجترح منها ما يشاء ليكون حاضرا رغم التغييب ومتجددا رغم التخريد ورجعوية السائد الثابت والعقيم ,, في المقلب الآخر ليس لأحد ممن يترصدون بضفة الشوك الحق بالوخز بالشك أو سحق مساورات التبني وتفتيت أفكاره بمطرقة النبذ إن استحالت عند الآخرين الطاعنين في الهذر مجرد تشمم لحجر براكد واقتفاء أثر لزلة وللبحث عن غبار البطل بين طياتها لوصمه بالاستعراض والنرجسية ... فهو ليس ببائع حبر فاسد لجرائد باهتة ومجلات شائهة ولا العثة قضمت عقله وطرحت فيه قيمة الحرف الغابر بدرهم طرته صورة مستبد ,, هو أيضا لا يمتشق السيف ليلزم بها محيطه الخاضع , كما أنه لا ولن ينفك عن تكريس وجوده بالفعل وممارسة موجبات القول عند كل مسكب لموقف أو مطلب لرأي طارحا خياره كمجابه للتبعية وساخر من قيد الإقطاع الثقافي وكونتات التبرير بالتزاوج لأجل العيش تحت الوصاية وفرضيات ما وراء الإبداع ,, وهذا ما جعل سعيد يتقبل أطروحة جوليان بندا ويكررها وهي القائلة بأن المثقف هو عضو مجموعة صغيرة متحمس ومندفع أخلاقيا لمعارضة التيارات السائدة بغض النظر عن عواقب تلك المواقف وتأثيراتها عليه شخصيا ....

2010-08-21_072131

حتما وإزاء كل هذا الذي يراه وحياله أيضا , لابد أن يتأبى " المثقف " عن مقاربة مؤسسة السلطة - فحراكه حتى إن توازى معها بظرفية ما سيكون بمشروطية الرصد لمضارها وأخطائها وللاحتجاج النقدي والسلمي على أدائها , عبر مؤسسات المجتمع المدني وهياكل الثقافة الأهلية وأدواتها - ولو كان رئيسها ادوارد سعيد ومنظر دستورها غرامشي .. وهذا ما نقرأه عند سعيد بأن معظم المثقفين يؤدون الدور الاجتماعي الذي قال به انطونيو غرامشي ؛ لكن قلة منهم يرتقون بأنفسهم إلى المصاف الذي وصفه لهم جوليان بندا لكي يصبحوا حسب تعبير سعيد ، احد أولئك ‘ المتمكنين من قول الحقيقة بوجه السلطة بصلابة وبشجاعة وبلا مواربة وببلاغة و بذلك لا يرى المثقف حرجا في نقد أي سلطة مهما طغت وتجبرت’.. ولعل هذا ما يتسق أيضا مع ما يضعه قول هارولد لاسكي في إطاره السياسي . " إن الحكومة تستطيع الاستفادة من المعارضين أكثر من المؤيدين . وإنها إذ تخنق النقد إنما تمهد السبيل لهدم نفسها " ......

أن التصفيق بالإكراه والتهليل بالتحشيد قد فعل لعهود من الترويض والتدجين والتخدير كظاهرة عند الشرقيين عموما بحسب وصفة جبران خليل جبران - " أطباء الشرق كثيرون يلازمون مضجعه ويتآمرون في شأنه ولكنهم لا يداوونه بغير المخدرات الوقتية التي تطيل زمن العلة ولا تبرئها " - مع تعالي وتيرة خطابات الاستلاب - *الدوغمائية المقدسة لمعتقدها والتعبوية لفرض مزاعمها بامتلاك الحقيقة المطلقة ومصادرتها من أيا كان والمنزهة عن الخطأ والشك والحتمية المنتهى والكمال فيها بلا نقص وحجاجها غير ممكن ولا يجوز نقدها بأف ! – ومن تم التورط بحبائل التوجيه للقطيع ورحلة المرعى الخالد في زحف مذل وشبه جمعي للجماهير المسعرة العواطف وللمثقف الحالم بالشمس والحرية فبات الأول أسير ظلم وظلمات وصار الثاني محض انتظار على قارعة الفراغ لوعود لن تصل ومجردا من كل حقائقه النسبية وأفكاره عن المؤمل وهي تبتلع بفجوات الأساطير وطنه المختطف وعمره التعس وراء رهانات المؤجل , بعد أن يكون قد خسر حماسته الأولى واستنفذ في السراب رحلة الكلمات وتهشمت صرامته وصلابته على جبهات الصخر والضجر ..

أو كما يقول محمود درويش " أدافع عن فكرة كَسَرَتْها هشاشةُ أصحابها وأدافع عن بلد خَطَفتْهُ الأساطيرُ " ....

وهذا ما أنتج ثقافة التمرير ومخاتلة الوعي والفرض عبر مراحل من الدوغمائية الشرسة والمسلحة بالاحتواء , بالرهاب والإقصاء والإخصاء وحتى التغييب بالزنازين والتصفية بقصاص النحاس ... وتظل الثقافة بمثابة الإعلان المكتوب والمرسوم للمثقف عن إنسانه الداخلي الذي يحاول أن يؤنسن بالقلم والريشة لوحات المكان وصفحات الزمان لمن حوله بشغفه المتضاعف وضميره الحي وبما تراه عيناه ومخيلته من صور جمالية وقبيحة موجودة أو مفقودة يكسبها بانطباعاته الباطنية منها وعنها صورا أخرى لحياة أفضل ينبذ فيها الجهل والظلام والقبح والفساد والظلم .. انه كان ولا زال يحاول في كل الأحوال أن يحتفظ بإنسانه وأن يكونه لأجله ولأجل آخرين في هذا العالم الذي يحاوله أيضا ليكون لا إنسان ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*/ الدوغمائية تعريب لكلمة Dogmatism ,,, الدوغما, كلمة يونانية قديمة تحمل في طياتها ثلاث معاني: – الرأي – فكر فلسفي أو ديني – قرار, حكم .. ولها ترجمات عديدة، مثل: وثوقية، قطعية، توكيدية، إيقانية، معتقدية.

وهي تعني الاعتقاد الجازم واليقين المطلق دون الاستناد إلى براهين يقينية، وإنكار الآخر ورفضه باعتباره على باطل مطلق! ... ومن ثم فهي مبدأ التعصب، وسمة لكل متزمت، ومنشأ الحروب العقائدية...

والدوغمائية ليست مذهبا فلسفيا أو دينيا، وإنما هي –في أكثر معانيها انتشارا- سمة وطريقة تفكير تتسم بها أي فرقة أو مذهب أو فلسفة تزعم امتلاك الحقيقة المطلقة بشكل شامل، ولا تقر بأنها قد تحتمل شيئا من الخطأ أو النقص، وتقطع بأن ما تحوزه من معارف ومعتقدات لا يقبل النقاش ولا التغيير، حتى وإن تغيرت الظروف التاريخية، أو السياقات المكانية والاجتماعية؛ فهي إذن مقدسة ومنزهة عن أي نقد، وعدم إخضاع هذه المعتقدات لفحص نقدي أو تحليلي يراجع الأسس التي تقوم عليها، ودون بحث في حدود وقدرات العقل المعرفية، فضلا عن عدم تمحيص الطرق التي توصل إلى المعرفة الصحيحة في كل لحظة تاريخية .. تم رفضه عالمياً و تم ربطه بالعنف و التطرف. المادة 1/ الفقرة 3 في إعلان الأمم المتحدة العالمي لمبادئ التسامح تقول :

" التسامح هو المسؤولية التي تدعم حقوق الإنسان، التعددية ( من ضمنها التعددية الثقافية )، الديمقراطية و سيادة القانون . و تتضمن أيضا رفض الدوغمائية و الإطلاق و تؤكد المعايير المستخدمة في آليات حقوق الإنسان العالمية ".

* / نشرت أيضا بموقع جيل على الرابط التالي

http://www.jeel-libya.com/show_article.php?id=22672&section=1

->إقراء المزيد...

السبت، يوليو 10، 2010

في الصمت بنت شفه

في الصمت بنت شفه . الحبيب الأمين

في الصمت بنت شفه

... من يسأل الطين الموجوع كيف تحتمل سكة المحراث ؟ ...

كيف تشق الجذور جسدك ولا تنزف ؟؟؟؟ !!!!

..... سنبلة حمراء ......

" في البدء كانت حبة "

.... الحلم والشمس يشدان أذان العتمة ,,

عيناى على الكوة هناك ...

فمن سيوصد في القرارة رؤياي ؟

..من سيطلسم الحكمة بإصبع ؟ ! ...

" لا "

..... أرستيبوس وأفلاطون فوق غبار المارد ...

يكنسون الأروقة بأفكارهم الكهربائية ..

على الركن الشارد وجه سقراط

على قوس الريح ورق مكدود وخريف مهب ,,,,

" أروقة الفائت ـــــــــ الرف الراهن "

.... نامت في بيتها القصيدة ..

باكرا شوهد الفجر ينشر أكاليل الورود

بميدان الشهداء ...

والجمهور مشع ..

على صدقي كعادته يمسح فحواه من حقق الطيوب

على غيبوبة السراي ..

الوردة على صدره والشمس جبينه ...

كان التاريخ مهيض القرون وعصبي العصور

يسأل الشاعر

هل ستصحو القصيدة ,, هل ستصحو القصيدة ؟ ! ..

" الليل في بلدي تواشيح عناء"

.. لا أناقة في الريح ..

المزاج ملثم واللسان حافي الشفتين ...

لبوس الغبار حزن فضفاض ..

لا عنق تشرئب بربطة

........... في المهب ---------- الأعوج .....

... " الغمام الرصاصي يحتشد بنافذتي ..

أطلق في صدري رذاذك ..

أنا محاصر ... أنا إرهابي الغدير ,,

متهم بتبييض السواقي وغسل الآبار " ...

" غسيل الأفكار " ....

...... الشمس أرخت على مخيالنا الفائت ..

أهدابها الحمقاء .......

لمع نجم لآخر , ليلهم لا يصحو .. كن معتم ........

ــــــــــــــــــ * * * * * * * * * ــــــــــــــــــ

…. نادني أنت : أيتها الطامة الكبرى ...

كي أسمع مغالاتك الفاحشة المخافة ....

فالجدوى أن أراك تفعلين " النهاية " الحتم ...

والمعنى أن لا تستمر البداهة البليدة

تذرع العشواء حافية الحكمة ,,

في مكوك الفراغ تغزلها التفاسير ,,

معراج طلاسم وسياحة أوهام ..

لتأتي " البداية المكرورة " ممضوغة التبادر ..

لينسحب اللسان إلى آماد سحيقة ...

عضلة تئد في الصمت بنت شفه .. ولا تنبس ....

.. " ما بعد الطوفان لا غرق " ....

" بث على موج راشيل " ...........

... أنت عمودية المسار لكنك تتأرجحين عنا

كشفير لا يليق بهاويتك ..

تراودين أناك الماكرة وراء خدعتنا المنقبة عن السفور ...

عندما يخلع الزمن على حظنا المسجى

بقارعة العقارب عريه

مواعيد للسع العاجل ,,

تقهقهين في عروقنا الخاوية

من الصوت والصدى ...

على خبر النفوق ..

تتثاقلين على صميم كل ما يسحقنا ولا نستحقه

ثم تعبرين على قشرة الصمت بكل هدوء ....

أنت أيتها الطامة لازلت أعنيك ...

.... عند وجعنا المشبوب من زيت الآلام

تغمضين الومضة بثقابك المبلل بالعزوف

وتغادرين لا مبالية بلا لهب وبلا رماد

كجمرة خبيثة خلعت في الظلمة المقدسة حمرتها

نراها بعيدا ولا تقترب .

تؤجج الرغبة وتخفتها .

تدسين " ندائي الزاد " صرة رجاءات خائبة .

وصرخات تنعقد بتلابيبها..

..... خبري يا حورية البحر ,,

كيف رأيت عرس السفن يمر على سجادة الماء القرمزية ؟ ..

هل سمعت صخب الرصاص بصبح الخناس ؟ ..

أرواح من عبروا تزغرد كالسنابل صعودا إلى وطن الله ..

علمي لساني يا مزامير السماء منطق الريح ,,

غضب الموج , وجنون المطر ..

حتى يغرز ناب الضجر كل الحلوق ,,

ويفنى الرماد بوجه الحطب ,,

حتى تشتهينا حانات الحضارة ! ,,

خمرة للمؤلهين وهنودا لمن غلب ,,

فلا يذكرنا إلا البغاة وتاريخ الحفاة ..

كنسل عجيب أفناه الصمت والصمم

عاش ومات بين الذهول والشهقة ………

" إلى عربايا "

..... منذ أن خردنا عصر الحديد ...

النار طوعتنا رقائق رقيق ...

ولازلنا للكير نحتطب ....

.... بعد التعثر بالصفر ( 0 )

تكومت مضاربهم حوله ..

مسحت أرقامهم ريح الشمال ...

بعد إن طحنوا مع البن جعجعتهم ....

أدمنت الفناجين زوابعها ...

..... ابتسم من هنا ..

للإبل الحدباء هناك وظل القافلة الأعرج

ميسرته غراب ..

يتوكأ سفه شيخ الكثيب ....

لا حاذي ينوح " هذا سراب " ! ,,

لا عقال لعقل يحلحل جنونه ! ,,

يحفر للركبان ,, للعيس بئر قرار !؟ ...

..... وضعوا الحصان أمام العربة ! ..

وضعوا العربة أمام الحصان ؟ ...

لم نصل طروادة بعد يا أوديسيوس !!؟؟ ..

لكننا نجحنا في التشبث بالخداع ...

...... متى يا أبا القاسم ؟ ....

متى يسمعنا الربيع وراء المدى ؟,,,

متى تورق اللهفة وتزهر المناداة فينا صدى ! ...

.... " كنت " ....

.. كنت في قبضة السكون ,, نادني رمل وماء ..

عدت لشط الملح وشمس الرغيف ..

كنت في زنزانة البحر ,

أخربش على حوائط الموج ,

أسائل كتابا معصوما باللاغرق ,

عن صبوات الصواري ونزق المراكب ,,

أفكك أصدافي المرة المخبلة بشباك الريح..

من صمت البر الطليق اغسل لساني..

كنت بأمان مع الوحشة وكانت الوحدة تطمئنني ..

كذلك أتت النجمة البعيدة .. التي هنالك تركت لا تغني ..

يتسرب صوتها لمعة على قيثارة العتمة ..

كالهدي تهيئ من الاختلاج مرافئ للشرود !

ها أنذا أعود..

لميدان الحوت بفناجين الأعماق" وللمفتي بألواح شيوخ البحر " ..

〰〰☼〰〰

.. كنت على شرفة الضجر ,, امدد للهدير مزاجي المائج ,,

وكان البحر مهب مناداة لأرواح تسمعني 〰

كنت وراء قضبان العباب .. موج طليق ..

أدون هرطقة الحصار على لوح المجاديف ..

كنت مع اللجة الزرقاء .. أتأقلم للكتابة ببوصلة الشراع ...

أحث بكفي سؤال التلاطم على شفير الرمل ..

على حبل الأفق نشرت غيمة ياقتها البيضاء

لسندباد لا ربطة بعنقه .. يشحذ لأربعين قرصان قمقم الإعصار ...

__ ڪے _ ...

كنت على قطاعي أنتظر ..

أنجم في البحر عن سفن الحرية وأترقب من برجي حظوظ راشيل ... "

" أماكن " .....

.... ☆ ....

تمر الأساطير بارم الريح عارية العماد ,,

يعود الزمن السكران من صخب الرخام

بمنفضة تماثيل ورماد نحات ,,

في أخر الكرم " أكاليل ثملة بلا غار

" وقصيدة عنب لعشرين نيرون ,, لعشرين " جونيور "

وأربعين سيجارة وعود ضباب .......

.....☆....

بميدان الشجرة لا قشة تقصم ظهر القطران ..

الشوكات يخاصرها الملل

وتكويها أعقاب السجائر المحلية وعيون البطالة ...

المارة يدحرجون خطاهم

العربات تزفر الدخان على مؤخرات الوحل ,,

لا خضرة ولا ماء ..

النافورة ناشفة العروق لم تستحم منذ ولادتها ..

فقط وجوه الراجلة بالهراوات

والجمال بشارعه غير مستتب ........

.....☆....

مسامير تتثاءب بناصية الريح ,,,

تفرقع للزمن الصدأ سباته ,,,,,

الساعة تكتهل الميدان شوقا للفوت

والشجرة تشب عن الموت .......

......☆...

في الحديقة الجرداء ...

استوعبت كسل بيكاسو وجنون دالي

أنا والعيدان اليابسة فوق قانون اللاظل .. بلا تفاصيل ! ..

متهمان بالذبول الثلاثي في منظور الشمس ..

في الرصيف المثقوب دفنت اللوحة ,,

عدت " بانطباعات " حنين " ! ؟ ...

.... " وجه ! "

....☆....

بشرفتك سيترعرع فقط " ظل قناعك "

ومرايا شارع الأشباح ....

أنا والمرارة لا نتفق على حنظلة ,, رائحة الفرو بفخك الحالم ,,

مواءك مقلوب يا هرة .....

.....☆....

البصمة الجلنار على الورق تشجرت من عرف الأثر ....

تفصص الغض للفج ....

على وجنة اللفحة جمر التفاح وقصيدة القرمز الخجلة ....

تقضم في الصمت قشرة اللحظات " الرماد " ....

تصرخ بأولي الأنياب .... أين ملحمة اللب ! ؟ ...

〰〰☼〰〰

لو اعترفت أنها بالجزيرة المسحورة تنتظر صدفتها ..

وأن الموج يبعدها ويحميها 〰〰〰

من كان يسأل اوديسيوس عن مكر هيرا وحامي البحر ...

وإلى المجداف يشكيها ؟ ..

من كان يترع بالشمع أذنيه ويطوي الشراع بعيدا ..

والمرساة في الأعاصير يلقيها ؟..

يا كاليبسو لو غنيت لسارية الأسحار كسيلين

لرأيت مع هدأة الريح رقصتها في الظل !......

وأن الشمس تشجيها ...........

.....☆....

لطالما مرت بمسارب أصابعي ,, تعتنق مابين الألف والياء ,,

تقرأ حبات اللغة بكف وتنظم حرفي بكف ...

تطوي قماشة الكفين على خرز الليل ...

على الكتف سنبلة تحلم ,,, على الآخر شعر مجنون ......

.....☆....

أنا والرمل الوثير قبالة الأزرق نعتصر الأفق ..

تلفعت البرتقالة لثامها .. المسكينة أغرقها الفنان في أخر اللوحة ..

البحر يشعل النجوم ويخلع على الشط أمواجه الرهقة ..

في وجهي قطر النسيم العليل أم شهد الخاطرين يسكر البوح ..

على شفاه الليل الغض طرف قصيدة,, تنادي خدها البدر ووجهها الصبح ..

يا رذاذ الظنون ألا تصمت ! .. ألا تذوب في اللحظة ..

مازال سهري يحبو يحلو يشاكس الملح ,,

مازال الفنار ينوس والفنجان والقهوة 〰〰〰

.....☆....

كل عود ,,, وتره شوكة ,,

كل عصفور عالق بنوتة ...

والغابة أوبرا خشبية ......

دويتو المنقار وجناحه ... والسولو فن الوخزة ....

.....☆....

يا دودة القز أينك ؟ ,,,

وطني المرقع بالتوت أحق بحريرك .... ... " من هو ؟ "

..........☼......

حين ترج الكف لغتها ...

لنهار ملحاح النرد ....

ينقط جلد الساعة .... أثنتا عشرة شعاع ....

.....☼......

تليدا لم يخبو .. على قوسه غار ورند ..

يهب النسيم غدو رواح ..

أرجوحة لنجمة أسموه هلال ,,

ولج هالته وثير الضياء ,,

قصائد يشعشعها لمملكة الظلام ...

" قمر . "

........☼......

في الطريق إلى حلمه ,,

خردة نوم وليل مثقوب ....

أسرج أرقه يومض لقلق عابر .....

.....☼......

مخبول أنت يا خيط العقل ....

لن تلج في عين الفكرة ! ,,,,

لن يرقص مغزل بكف الطين المكنون .....

اصعد للفيض في عين الوهلة ,,,

عَري أكمام الجذب عن حرف التوت .....

الصوف ورقك في الغيمة

والمغزل حبر مشحون .......

في الصمت بنت شفه

_______________________

نشرت بموقع إيلاف – ثقافات . إبداع *

" في الصمت بنت شفه "
الحبيب الأمين

masproject65@yahoo.com

GMT 6:41:00 2010 الأربعاء 7 يوليو

على الرابط التالي

http://www.elaph.com/Web/Culture/2010/7/577176.html

->إقراء المزيد...
Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art