السبت، نوفمبر 07، 2009

قورينا



قورينا

" قبلما نفرغ من حديثنا
قد يفلت الزمن هاربا
ذلك الماكر الغادر
فاقبض إذن على يومك
ولا تثق مثقال ذرة في غدك
"
هوراس


نهارك أسعده ظهورك

والمساء ذباله أنت

سنابل القمح والشعير

عاشقة لشمسك

والقمر توطن تلالك

أسبوتي* الحسناء

بنت هسبريديس*

حيث تفاحات هيراكليز الذهبية

رفيقة هانيبال البطل

عطرت عقوص شعرك

بزيتها الذهبي

يا ليبيا يا ربة الغلال

يا ليبيا يا عاصرة الزيتون الأولى

ارض نحل العسل القديم

يا حلوة في فمي

" إمنت* " نحتك فرعون الكرنك

وليبيا إفريقيا

دونك هيرودوتس

في أذن الزمان

" هيا رافقني .

قلت إلى أين ؟

إلى جنان الكون وسقف المسكونة

نطلب حقول الشعر

نغرف من منابع الشجن

نقتسم بكاء التطهر

عند صخرة الدموع

نعيش في فناء الحكاية

نصاحب شهود المكان


قال تخلص

من ماذا يا رفيق؟

من سخام الرماد في جسدك

اقذف مجمرة الروح

هناك كل الدفء

هناك نورك روح

وجسدك طيف

قاب قوسين أو أدنى

سكنا وادي الأولين

ونمنا دون أخبار

حلمنا بزهور وعصافير

بموسيقى وأغنيات

في الصباح حضرت رسل القيام

رفعت الشمس ستائر الضباب

وُشرع باب الزمن

ولد رائعا ساطعا

يوم بريء من ذنوبنا

كوجه طفل

وصبح باسم

كوجه أمي


ركضت أرانب وحلقت طيور

طارت فراشات

غسل الندى وجه الورد الطري

نادى حارس الغاب

حوريات النبع

رقصت على صفحة الماء

غنت ربات الفنون التسع

من شعر هومر وفرجيل

وعزف الأورفيين

بقيثارة الجد

نفخ أبولون بالناي السرتي*

بنغمات اورفيوس الشجية

ساغ الصمت الصوت

فسكت وانصت

صحوة النفس العتيقة

على صدى الأسطورة

في ناي يوتربي*


العقل الثمل

بسحر قورينا*

ارتحل مترنحا

صعد قبة الإرادة

في جبل الأولمب

تراتيل بندار وكاليماخوس*

عانقت سحب السماء

هطلت على تلة الاكروبول

تُشجي قدموس صاحب الأبجدية

أغوت أوديسيوس فنزع شمع أذنيه

رسا بسفينه في جزر سوسة* *( أبولونيا ميناء قوريني )


أغصان اللبلاب تمدد ظلها

صافحت المارة بلطف

في شارع باتوس الملك

المضفف بتماثيل الفرسان

المبلط برخام كارارا المعرق

أفلاطون طالع المشهد بشغف

استلذ فلسفته القورينائية


سكب ديونيسيوس نخبه الأخير

وتوكأ على مسند كرسيه

يستعذب المعازف

اختلس النظر مرات

لاحق بصره كهف ديميتر

غازل عذارى الحمام

وعطر جرار الماء الأنثوية

بزيت قرطاجة الفاخر

سكب عصير السلفيوم*

على جسده وانتعش


فينوس رفعت الخيتون

كشفت عن نحتها

تناكف فيدياس

رقصت حافية

باليه البزق الآرخي

في بهو الفسيفساء المعمد

بأساطين الجرانيت الأسواني (أسوان بمصر)

معطرة بعبق البحر وفواكه شعاب المرجان

راقصها هرمس الرسول

أجلسها في مهدها الصدفة

وغادر بأمر زفس الكبير

أرثميس أرهقتها السهام

ألقت ما في جعبتها

واغتسلت من غبار الطراد

شدها الرقص فانجذبت

تلهو بشعرها العشبي حينا

وحينا تحتسي اللوتس

خيول برقة تجر عربة الظفر

وتشق بطن الوادي

تزف تقدمة الأخوين فيليني*

لشعب المدن الخمس

أخيرا حقنت التضحية الدماء

ورسمت حدود السلام


خطباء مسرح السوق

وفلاسفة الرواق

تجاذبوا لذة الحوار

تقاسموا متعة التفاكر

في ظلال باكية الهدوء


في وادي الرسول الحواري

مكث مرقص*يحلب البشارة

يسكب الحكمة في أكواب الحليب

يجمع الأتباع في صرحه المعلق

يقتات بعسل الكهوف وكروم الغاب

يعمد رفاقه بماء الناصرة

ويتلو سره في أذانهم

كتب إنجيله هنا

ونشره في برديات

مكتبة الإسكندرية

لكن روما اغتالته

وسطا قراصنة البندقية على قبره

أودعوه قدس كاتدرائية

واسموا ميدانهم بسانت مارك

نورس ليبي أبيض

حمل قرطاس نور


نهضت هيكاتي* تكنس طوالع السوء

من معابر الحظ ودروب المشائيين

رمقتنا بنظرة تفاؤل

رمت بكلماتها في بئر التشاؤم

قالت إن الطريق سالكة

والحظ قدامكم


أطلق صرخة التحرر

من قيوده البكماء

وردد نشيده المجلجل

تحية لعلم الطبيعة السامق

اكبر أشجار الأرز الليبي

على صخرة الكلس تمددنا

ورذاذ النبع يحمله نسيم بارد

تناولنا حبات من لوز البرية

وسكبنا كؤوسا من عصير الخروب

شمع النحل يقطر بعسل الأجباح

يرسم سيولا حلوة تنحدر من ذقوننا

أطبق الشبع والنعاس على جفوننا

وصحونا من جديد في حلم أخر


قرب كوخ داود حلاق* ( صديق كاتب وقاص ليبي )

غير بعيد عن صمبر * ( قرية وادعة في حضن الجبل الأخضر )

انبثقت عين الحفرة

هناك كانت جلستنا

زيارة غير مرتبة

خارج نطاقات المعاصرة

وراء مدارات الحداثة

انسلاخ عن الواقع

عانقت فيها أمنا الأرض القديمة

سكنت الهضاب الخرافة

جلت سفوح التاريخ

نمت في تابوت الزمان

وافترشت تراب الحقيقة

ثلاثة أيام رائعة

نشرب القهوة

نستطعم فاكهة الحديث

كانت السجائر بنكهة جديدة

بطعم الشيح والزعتر

سهرنا حتى لانهاية

ونمنا كأطفال

هناك فقدنا الاتصال بعوالم الآني

قطعنا كل أسلاك وذبذبات الارتباط

واكتنفنا غموض عذب ولفنا ستر حنون

عدت اليوم

باشرت الدور الواجب

والمسؤولية الضرورة

دورة الحياة الدودية تبدأ من جديد

صناعة التكرار في دولاب الملل


شروح : :.....: ""-

**اسبوتي محاربة ليبية حسناء التحقت بجيش هانيبالورد ذكرها في ملحمة بونيكا• حدائق هسبريدس موضع التفاحات الذهبية التي يطلبها هيراكليزالبطل النصف مؤله عند الإغريق وصاحب المآثر الاثنى عشر• إمنت اسم ليبيا القديم كما تذكرها النصوص الفرعونية ويعني بلاد الغربدلالة مغرب الشمس.• الناي السرتي عرف قدماء الإغريق عن الليبيين آلة الناي ونسبوها إلى منطقة خليج سرت الكبير, كانوا يسمون الناي الفاخر بالسرتي وينسبونه إلى ليبيا.
* يوتربي ربة العزف على الناي وإحدى ربات الفنون التسع, اسمها يعني مانحة البهجة.
• قورينا مدينة تاريخية في شرق ليبيا كانت عاصمة المدن الخمس, نشأت فيها حضارة عريقة في العصر الإغريقي ولد بها الشاعر والعالم كاليماخوس مؤسس مكتبة الإسكندرية كما ولد في ضواحيها الرسول مرقص الإنجيلي زارها هيرودودتس ودرس فيها أفلاطون.
*في الميثولوجيا الإغريقية قورينا هي ربة وحورية
* فيدياس أشهر نحاتي اليونان وصاحب المنحوتات الكبيرة نحت تمثال زيوس الأولمب وتمثاله الضخم لأثينا فوق تلة الاكروبولس. لازالت لوحات الجين تعبر عن فنه الراقي.
• الحورية قورينا عشقها ابولو وتزوج بها في ليبيا حيث أقيمت مدينة باسمها أنجبت اريستايوس راعي الأغنام وأول من عرف أن النحل يصنع العسل وعلم أهل ليبيا تربية النحل وجني العسل.
* السلفيوم اسم لنبات قديم عرف في شرق ليبيا بإقليم برقة,كان يباع بوزنه ذهبا وظل احتكارا ملكيا لملوك قورينا. تكمن قيمة هذا النبات في فوائده الغذائية والعلاجية والعطرية . يذكر انه كان يشفي من أمراض مستعصية واستخدم كنوع من التوابل الغالية الثمن.طبقت شهرت هذا النبات الآفاق ونسب إلى قورينا ونسبت قورينا إليه. جرت تجارة سرية بين بعض القورينائيين وتجار قرطاجة بعيدا عن أنظار السلطات. كان الرومان يخزنوه في المستودعات الحكوميةأخر مشاهدة موثقة لظهوره ترجع إلى عهد الإمبراطور الروماني نيرون.صمبر
* ( قرية وادعة في حضن الجبل الأخضر )•
* مرقص حواري واحد الرسل السبعين, صاحب إنجيل,ولد وعاش بليبياوالتقى بالسيد المسيح في فلسطين . سافر مع بولس ورافقه حتى روما.بعد مقتل بطرس وبولس رجع إلى نواحي قورينا مبشراً بدينه وعكف على تدوين أول الأناجيل باللغة الإغريقية القديمة. مازال الوادي الذي سكنه وجماعته يحمل اسمه,عاش في كهف معلق مرتفع عن ارض الوادي كي لا يراه الرومان.
* الأخوين فيليني.شابين من قوريني ضحيا بنفسيهما لأجل السلام ومنعا الحربما بين قورينا وقرطاجة. بعد إن اختلفت قورينا وقرطاجة على خط الحدود فأرسلت كل مدينة من جانبها شابين يعدوان في الوقت نفسه وعندما يلتقيان تكون الحدود فقررا شبان قورينا وهما الأخوين فيليني التضحية بروحيهما بان يدفنا في مكان الوصول. وأقيم فوق قبرهما نصب تذكاري يخلد معنى التضحية ويمجد السلام, سمي ارا فيليناروم.

* هيكاتي إلهة الحظ والنجاح محققة السعادة وراعية السرورلقبت بالمنقذة, هي بنت زيوس أو زفس كبير الإلهة عند الإغريق عبدت في قورينا وأقيمت لها المعابد والتماثيل...
* أبولونيا ميناء قوريني .....

نشر بموقع " دروب "
بتاريخ 15 مارس 2007


->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art