الخميس، ديسمبر 03، 2009

خلطة مشاعر ...تهاني دربي

__EF20~1

لا أعلم هل هناك علاقة تربط بين عشاق التاريخ وآثاره وبين عشقهم لأوطانهم

حتى انى أتساءل أيعقل أن يسبق حب المرء للتاريخ حبه لبلده ؟؟

أم أن حب الوطن يسبق وهو الذي يقودنا نحو حب التاريخ الذي يمنحنا غناه

وزخره ما تحتاجه عقولنا لإضفاء هالة

موضوعية نريدها مستحقة لهوانا ؟؟؟ …أم أن العلاقة جدلية بين الاثنين ؟؟؟ .

تطل هذه الأسئلة بعنقها المشاغب ::

عندما أكون صحبة نص مفعم بالاستشهاد والإحالات. والرموز التاريخية الليبية للشاعر الحبيب الأمين وتزداد وتيرة ضجيج هذه الأسئلة وأنا في معية الأستاذة أسماء الأسطى.. تجود على بتفاصيل كثيرة لا أعرفها عن تاريخ بلادي ونحن نسير في أزقة مدينة طرابلس القديمة ... هذين الصديقين القريبين لديهم قدرة خاصة على إستنفار هذا النوع الصعب من الأسئلة ..فشغفهم اللامحدود بالاثنين معا والذي لا يمكن لكلماتي معانقة مداه واستيعابه ببهاء مماثل .. فهو من الشاسعة حتى يستعصى عن الإلمام...

بعيد عن الملامسة مهما حاولت الاقتراب من سبر كنه ... حالة من الحب الذي يربط تصعب فيها تحديد أسبقية من يقود نحو الأخر حتى أنى أستغرب الآن وأنا أكتب كيف سمحت لي هكذا أسئلة أن تغزوني وحدي ولم أسعى باتجاه أجوبة منهم..؟؟فعلى ما يبدو أنى أسقطت عليهم حالتي الحائرة دون أن أدرى جازمة إنهم لا يملكون مثلى أجوبة ناجعة .قافزة ربما نحو ما يهمني أكثر ويهمهم كمحصلة نهائية وهى من يحب وطنه يحب كل جزء في تاريخه وكل حجرة في آثاره وآمل أن يكون العكس صحيح عند الآخرين كما عندهم …..

الأسبوع الماضي استكملت مع صديقتي أسماء زياراتي للمواقع التاريخية الهامة في مدينة طرابلس القديمة بدأتها مطلع الصيف الماضي صحبة أسماء والدكتور فرج نجم ولألم في رجلي لم أتمكن وقتذاك من الاستمرار معهم في الجولة حتى النهاية واضطرت للاكتفاء بقدر والجلوس في أحد المقاهي هناك لأن آلم رجلي لم يجار حماس أسماء التي تريد أن تطلعنا على كل تفاصيل هذه المدينة دفعة واحدة , فبعد أن زرت في المرة الأولى حارة اليهود وكنيسهم ومقر السفارة الإنجليزية والفرنسية والذي سرني أن يتحولوا جميعا إلى منارات ثقافية.. مكتبات ومتاحف وأروقة ومقار للفنانين والأدباء تحمل أسماء الرواد من مدينة طرابلس ..مجددا كنت على موعد من تلك المواعيد التي يرتبها لك القدر تستمتع فيها بما يجود به عليك من عطايا دون تخطيط .

2009-12-01_221930

في طقس خريفي جميل وصحبة العزيزتين أسماء وسالمة المدني واصلنا الجولة دون ترتيب مسبق .. والبداية كانت بيت حريم يوسف القرمانلى في المدينة القديمة والمتحف الصغير هناك كانت كل المعدات التي أستخدمها الليبيون في تلك الفترة وكذلك كل ما وجده سكان هذه المدينة من آثار أقدم أثناء شروعهم في تشيد بناء جديد بها ...لا تستغربوا إذا ما وجدتم آنية من العصر الروماني موجودة في هذا المتحف كما تعرفون فمدينتنا هذه بنيت على أنقاض مدينة أويا .أثناء التجوال كانت معلومات أسماء التفصيلية تنهمر ..وأنا أتابعها بخلطة مشاعر "استمتاع وخجل وآسف" ….

..استمتعت لأني من عشاق التاريخ والآثار وخجلت من ضآلة معلوماتي التي كنت اعتقد أنها كافية وأسفت لسببين الأول أننا نملك كل هذا الزخم ونحن وأولادنا لا نعرف عنه إلا القليل الذي لا يكفى والثاني عندنا آثار تقريبا في كل المدن هناك المكتشف المهمل والمسروق وهناك الذي نتجاهله مردوما فى الأرض أو البحر لأنه لا إمكانيات لدينا تستطيع إبرازه..

طرابلس باب

وهناك مدن قديمة زاخرة ولا نعرف تفاصيل تاريخها ولا كيف نستفيد منها فلولا جهود السيدة فوزية شلابى أثناء توليها مشروع المدينة القديمة لما تمت صيانة هذا الجزء اليسير من المدينة لكانت مثل أخواتها الأخريات تصرخ من الإهمال ونحن نبكى معها على الأطلال ولا من مجيب "ومن المؤسف أن ينال هذه المدينة الإهمال مجددا بعد أن انتهت مدة إدارة هذه السيدة لهذا المشروع"هذه حقيقة موضوعية لامسها عقلي قبل قلبي لا يمكن تجاهلها كما انه للأنصاف على أن أضيف هنا بأن الصيانة في عهد إدارتها جرت وفق أخلاص وجهد وحب قل نظيره""المجال هنا لا يتسع لذكر تفاصيل ذلك وعلى الباحث عنها زيارة هذه المدينة حتى يتأكد" ....

رغم الإهمال الواضح الآن داخل المدينة هناك جهود استثمارية فردية صغيرة دخلنا أحد الفنادق الخاصة التي تمت صيانتها شدتنا آلية نضارة تسطع وسط إهمال يطغى ..وبعد إبداء إعجابنا سألت صاحبه عن الأسعار فكانت أجابته الغرفة الزوجية 250 دينار لليلة الواحدة ذهولي أطلق السؤال التالي ..

هل لديكم زبائن ؟؟ ابتسم الرجل مفتخرا وأجاب " الفندق فل يا مدام " .....

صدقت الرجل فالمدينة رغم حالها المهمل بها عدد من السواح فجأني !! ..الأزقة المقاهي والمحلات والمطاعم بها حركة لا يستهان بها ..فأثناء تناولنا وجبة الغذاء في مطعم" أعبيه " للمأكولات الشعبية البحرية ودون جهد لاحظت أن أغلب رواد هذا المطعم المكتظ من الأجانب…..

لي صديقة ذهبت منذ فترة لدراسة الطب في الولايات المتحدة كتبت لي تشكى من

صعوبة دراسة التاريخ الأمريكي فعلى قولها طويل جدا ومتشابك وتفاصيله

كثيرة ...فرددت عليها أين تاريخ أمريكا من طول تاريخنا وتنوعه يا صديقتي

؟؟فردت على بالحرف الواحد ...

ومن قال لك أن ما درسناه يدخل في عداد دراسة الأمم لتاريخها ؟؟ "

في الأسبوع الماضي سبقني كاتبين مخضرمين في الكتابة عن ذات الموضوع رغم اختلاف زوايا التناول..إلا أننا على ما يبدو نلتقي في النهاية فذات الموضوع يشغلنا واتفاقنا يعنى أنه ثمة ما يحتاج إلى معالجة في هذا الشاغل وحتى لا يطول أكثر هذا المقال سألوذ بهما لاختصار في خضم يصعب جدا فيه ذلك سأستعير جملة من مقال أخير للصحفي المخضرم د.محمد المبروك يونس وهى .

" العناية بآثارنا تحتاج لتضافر جهود كل أدوات البلد التنفيذية والاعتبارية والفردية

والهيئات الدولية "

لبدة الكبرى

...بلدنا متحف غنى مفتوح لحضارات كثيرة العناية والاهتمام بها وترميمها وإبرازها ..

وإنشاء مرافق سياحية حولها لا يمكن أن يتحمله كاهل هيئة كالتي عندنا ..آثار لا تعد

ولا تحصى في خضم مساحة شاسعة فهيئة آثارنا للأسف ليست بحجم ما يحتاجه هذا

المرفق وإمكاناتها أقل بكثير من أن تعالج ما لحق بهذا القطاع الهام طيلة السنوات الماضية

من إهمال مهما حاولت ولا هي بمستوى طموحنا المستقبلي الذي نريده يتجه نحو السياحة ...

الاستعارة الثانية من مقال أستاذنا د.محمد المفتى .. " التسامح ...نضج"

فهل نضجنا بما يكفى حتى نتسامح مع مراحل من تاريخنا حذفناها تماما وبطبيعة الحال

لم يؤدى ذلك إلى نسيانها بل على العكس سيظل منعها حافزا مرغوبا ولملأ فراغات

مفقودة أو مطموسة لن يجد الباحث عنها إلا كتب لها أجندات سياسية واضحة لا

تقول بموضوعية وصدق وحياد ما مر بهذه البلاد فهل حان الوقت وأزف لنسارع إلى

أعادة كتابة تاريخنا..تاريخ ليبيا بصيغة موضوعية وتفصيلية ما أمكن وندرسه لأولادنا

بدل أن نجعلهم عرضة لانهمار معلومات لا تستأذن وبعيدة في تفاصيلها عن النزاهة

……………………. ؟ !

->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art