الثلاثاء، ديسمبر 01، 2009

من غرناطيات فيدريكو جارسيا لوركا

لوركا : أنا الظل الهائلُ لدموعي.

الدم المراق

أنا لن أراه!

قل للقمر أن يأتي

لأني لا أريد أن أرى دم إجناسيو

على الرمال

أنا لن أراه!

القمر مشرع الأبواب

حصان الغيوم الراكدة

وحلبة الثور الرمادي مع الأحلام

وأشجار الصفصاف في البريرا

أنا لن أراه!

" إن مصارعة الثيران من أعظم كنوز إسبانيا الشعرية والإنسانية التي لم يجر استغلالها من قبل الكتاب والفنانين. وهذا راجع بالدرجة الأولى إلى نوع الثقافة التلقينية الكاذبة التي تلقيناها, وكان أبناء جيلي أول الرافضين لها. وأعتقد أن مصارعة الثيران من أكثر الفعاليات الثقافية تسلية في عالم اليوم. إنها مسرح نقي يذرف فيه الإسباني دموعه الغالية ويفرغ ما في كبده من مرارة. وهو المكان الوحيد الذي يذهب إليه المرء وهو متأكد من رؤية الموت محاطاً بأكثر درجات الجمال ذهولاً "

فيدريكو جارسيا لوركا

كان يروق للوركا القول أنه من مملكة غرناطة, وغالباً ما يضيف بأنه لم يولد في المدينة عينها, بل في قلب الغوطة, سهل غرناطة الخصيب. إنه يهاجم أبناء الطبقة المتوسطة في غرناطة, لأنهم - حسب تصوره - ليسوا أندلسيين أصلاً, بل أبناء بررة للمسيحيين الذين جاءوا من الشمال, وأقاموا في الأندلس, فأظهروا بلادة شديدة لكل ما وجدوا.

وصفه بابلو نيرودا فقال: كان برقاً طبيعياً، طاقةً دائبة الحركة، كان فرحةً، ألقة حية، حناناً دافقاً خارقاً، كان شخصاً سحرياً يهب الهناء".

يقول الناقد بارو: لدى لوركا كلُّ مزايا عرقه ومآخذه، وليس من المستحيل أن تسريَ في أوردته قطراتٌ من ذاك الدم العربي الذي صنع عظمة غرناطة. ويورد الناقد دومينيكيز حين التقى به: "إن لهجته الجنوبيةَ القويةَ العذبةَ معاً، تخلُبُك بسحرها، إن لوركا يؤمن بالعرب، بل إنه أقرب إلى أن يكون عربياً من أن يكون أندلسياً".

و يقول جيبسون في كتاب " لوركا.. قراءة حميمة في حياته " أن لوركا لم يكن شاعراً فقط.. بل كان متع

لوركا 2_NR[2]

دد المواهب والأنشطة الثقافية والإبداعية. في البداية كان موسيقياً، وفي سن الثامنة عشرة كان من أشهر عازفي البيانو في غرناطة. لكن بعد وفاة أستاذه رفض أهله السماح له بالسفر إلى باريس لمتابعة تخصصه في الموسيقى، فانصاع وبقي في غرناطة يعزف ويؤلف. لكنه بدأ أيضاً يتجه نحو الرسم والشعر والتأليف المسرحي.. وقبيل وفاته أي قبل اندلاع الحرب الأهلية، كان لديه مشروع أوبرا ضخمة مع سلفادور دالي. ولكن أهله كانوا وراء إحباط مشروع هذه الأوبرا لأنهم منعوه من السفر إلى برشلونة للعمل مع دالي.

كانت اللحظات الأخيرة في حياة شاعر غرناطة لوركا مزيجا من الألم، والخوف، والحزن، وعدم القدرة علي مواصلة الإبداع. في آخر عمل لإيان جيبسون " الرجل الذي ألقى القبض على جارثيا لوركا " يكشف جيبسون عن الشخص الذي قتل لوركا غيلة وحقداً. قاتل الأديب الاسباني هو رامون رويث الونسو. كان الباحث جيبسون قد قابل رويث الونسو عندما كان يعد كتابا عن لوركا، وتحدث معه حول أشياء كثيرة تخص لوركا ومقتله. فاعترف أمام جيبسون بأنه اشترك في عملية إلقاء القبض على لوركا، لكنه برر عمله بأنه كان ينفذ أوامر الحاكم العسكري لمدينة غرناطة.

تيقن غيبسون , بعد كل هذه السنوات من الدراسة والبحث، بأن رويث الونسو الذي ساهم في إلقاء القبض على لوركا، هو الذي حرض على صدور حكم الاعدام ضده. كان رامون رويث الونسو شخصية سياسية فاشية ، وكان يعمل في مجال رسم الخرائط في غرناطة، مدينة لوركا، وتم انتخابه عضوا في مجلس النواب، ثم فقد مقعده عام 1936، فانقلب على الديمقراطية ونحا منحى التطرف. وكما يقول جيبسون: منذ ذلك الوقت أخذ يحيك المؤامرات ضد الديمقراطية. كان ألونسو يحسد لوركا ويكرهه بسبب الشهرة العالمية التي كان يتمتع بها ولإعجاب الكثيرين به، بل كان ينزعج من آراء وتصريحات لوركا المستمرة التي يدعو فيها الى الديمقراطية والحرية والمساواة.

* * * * * * * * * *

الأحداث التي حصلت لحلزونٍ مغامر

هناكَ عذوبة طفولية

في الصباحِ الساكن.

الأشجار مدّت

أذرعها نحو الأرض.

ضبابٌ متردد

غطى الحقول المبذورة

والعناكب نسجت

دروبها الحريرية –

خيوطاً تمتد عبر البلور النقي

للهواء.

في أيكةِ نبات الحور

ينبوعٌ أخذ يردد

أغنيته وسط العشب.

والحلزون المسالم

مواطن الأخدود المحفور

متواضع .. وبسيط

أخذ يتأمل المنظر.

السكون الرباني

للطبيعة

أعاره إيماناً وشجاعة

- متناسياً أشجانَ منزلهِ

الوثير – أسرّ في نفسهِ عزماً

أن يرى نهاية الطريق.

بدأ يزحفُ حتى دخلَ

غابة اللبلابِ

والقرّاص .. وقتَ الظهر

كان هناك ضفدعان عجوزان

يتمددانِ تحتَ الشمس

بمللٍ .. يضايقان الضفدعات العجائز.

" هذه الأغاني الحديثة"

أحدهم تمتم ..

" بلا معانٍ. " " كلها هكذا

ياصاحبي" أجاب

الضفدع الآخر الذي كان

مصاباً وشبه أعمى ..

" عندما كنت صبياً .. اعتقدت

أن الربّ لو سمع أخيراً

غنائنا .. سوف يرينا

بعض الرحمة. ولكن المعرفة التي اكتسبتها

- وقد عشت وعمرت طويلاً -

دفعتني أن أطرح إيماني جانباً.

والآن .. لست أغني ثانية. " ..

الضفدعانِ ابتهلا

طالبينَ الصدقة

من ضفدعة صغيرة

مرّت بغرور

مخلفةً وراءها أوراق العشب الراقصة.

متطلعاً في الغابة المظلمة

الحلزون أصابهُ الفزع.

حاولَ أن يصرخ. لم يقدر.

الضفدعان اقتربا منه.

" هل هو فراشة؟ "

سألَ شبهُ الأعمى.

" هو يملك قرنين صغيرين"

أجاب الضفدع الآخر ..

" إنه الحلزون. حلزون..

هل جئت من أرض بعيدة ؟ "

" أنا جئت من بيتي .. وأريدُ

أن أرجعَ إلى بيتي في الحال. "

" إنه مخلوق جبان جداً !"

هتف الضفدع الأعمى.

" هل سبقَ لك أن غنيت؟" " أنا لا أغني "

قال الحلزون. " ولا تصلي .. أيضاً؟ "

" لا .. لم أتعلم كيف أصلي. "

" ألا تؤمن بحياةٍ أبدية ؟ "

" ماهذه ؟ "

" ماذا! أن تعيشَ دائماً

في أكثر المياه هدوءاً

بجانب تربةٍ خصبة

تنتجُ مايكفي للأكل. "

" عندما كنت صغيراً أخبرتني

في أحدِ الأيام جدتي المتوفاة

أنني حين أموت سوف أغادر

نحوَ الأغصان الغضة

في أكثر الأشجار علواً . "

" جدتك كانت ملحدةً.

الحقيقة هي ماتسمع

منّا. آمن بما نقول "

قال الضفدع الغاضب.

" لماذا أردت أن أرى نهاية الطريق؟"

تنهّد الحلزون. " حسننا .. صدقتكم

و بالحياةِ الأبدية

التي تبشران بها. " ..

الضفدعان

تحركا جانباً مستغرقان بالتفكير

والحلزون المرعوب

أكمل طريقه ضائعاً وسط الغابة.

* * * * * * * * * *

نشيدُ فارس

قرطبة.

بعيدٌ أنا.. ووحيد.

مهرٌ أسود .. قمٌر كبير

والزيتون يملأ جرابي

رغمَ أني أعرف الدروب

لن أصلَ أبداً إلى قرطبة.

عبرَ الطريق .. عبرَ الرياح

مهرٌ أسود .. قمرٌ أحمر.

الموت يحدق فيني

من فوق أبراجِ قرطبة.

آهِ ! ما أطول الطريق!

آهِ ! يا مهري الشجاع!

آه! ذلك الموت يجب أن ينتظرني

قبلَ أن أصل إلى قرطبة.

قرطبة.

بعيدٌ أنا .. ووحيد.

من .. بكائية إجناسيو سانشيز ميجاس

I will not see it!

Tell the moon to come,

for I do not want to see the blood

of Ignacio on the sand.

I will not see it!

دعوا الشرفة مفتوحةً،

حين أموت!

الطفل يأكل البرتقال

من شرفتي أراه.

الحصاد يحصدُ قمحه،

من شرفتي أشعر به،

حين أموت،

دعوا شرفتي مفتوحة.

->إقراء المزيد...

1 التعليقات:

مدائن الثقافة يقول...

جمال لوركا مذاق أسطوري ، قرات ذات مرة للأديبة ليلى النيهوم عنه جملة رأيت انها تختزل كل ما يتعلق بلوركا وإن كان لوركا لايُختزل..الجملة تقول [ولقد تبجح أحد الذين نفذوا فيه حكم الاعدام بأنه أطاق عليه النار مرتين .
ذلك المجرم هو الآن غبار منسى غير مأسوف عليه]مررت عليك للتحية والسلام ايها الحبيب

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art