الثلاثاء، يناير 31، 2012

ندوة الخطاب الثقافي العربي ما بعد ثورات الربيع بمعرض كتاب القاهرة


معرض القاهرة للكتاب يحتفي بثورات الربيع العربي
ندوة " الخطاب الثقافي العربي ما بعد ثورات الربيع "

30-01-2012

عن الخطاب الثقافي العربي بعد الثورة كما يجب أن يكون دارت فعاليات الندوة التى جاءت تحت عنوان "دور الثقافة والفنون والإعلام في ثورات الربيع العربي".
أقيمت الندوة برعاية السفارة اليمنية وتحت إشراف عائشة العولقي مدير المركز الثقافي اليمني بالقاهرة و شارك فيها كل من: د. مدحت الجيار أستاذ النقد والأدب جامعة الزقازيق، وشوقي القاضي عضو مجلس النواب اليمني، وعبد الله الخشرمي إعلامي وشاعر سعودي، كما شارك من ليبيا كل من د.أحمد الفقي الناشط السياسي والشاعر والكاتب الحبيب الأمين مدير إدارة الثقافة الليبي أدار الندوة كلا من عائشة العولقي ومدحت الجيار.
بدأ د.مدحت الجيار بحديث عن الثورات العربية وقال إن أحدًا لا يمكن أن يعرف متى ستتوقف؟ فهي تعمل الآن على إعادة تكوين المواطن العربي بلا تفرقة ولا خوف، وأضاف إن الثورة تحتاج الى كتابة وتنبؤ من جديد، وأضاف: ربما لا تولد الثورات ناجحة ولكنها تتحصل على النجاح عبر مراحل كما حدث في ليبيا، وأضاف إن الثورة استطاعت أن تعيد الحياة لسيولتها بعد أن كانت تجمدت وتعفنت، ونجحت أيضًا في إسقاط الحواجز والعنصريات، فنحن في عالم جديد يجب على الشعوب أن تتعلم الأدوات الجديدة في البحث والتاريخ وهي تثور فالثورة تعيد صياغة ثقافة الأمم من جديد.
صورة الرئيس
ثم تحدث شوقي القاضي عضو مجلس النواب اليمني عن اليمن الثائر الذي قال عنه إنه بدأ نضالا مثل بقية الشعوب وصمد كثيرًا بالرغم من محاولاته التي كانت تجهض بسبب الإعلام كما حدث في باقي الدول، تشابهت تفاصيل الثورات، ويجب أن نحيط بالظروف ونحن نعمل على المشروع الثقافي في اليمن كمثال، بعد أن عاشت تحت ديكتاتورية واستبداد واستعباد يحبس المواطن لأنه لم يعلق صورة الرئيس!
وأضاف: إلى أي مدى تتعطل العقول وسط هذا الجو؟ علقت الصور في كل مكان، فلا خيار، في ظل الفساد ولد الفقر وانتشرت البطالة، عاش الناس في قمع بين كل هؤلاء، عرفوا معنى المعاناة للحصول على لقمة العيش، وفي ظل كل ذلك تعطلت إرادتهم وحريتهم، ولم يعد أمام المثقف في هذه البيئة إلا أن ينافق أو ينسحب أو يصادم أو يجتنب المشهد من خلال مناقشة الواقع عن بعد، لذلك ولد الرسم البعيد، والقصة البعيدة، والرواية البعيدة، يلوم الشجرة وهو يقصد الوطن، لذلك ولدت الثورة.
وعن رموز هامة أعادتها الثورة تحدث القاضي عن خطب الجمعة التي أصبح خطابها يتطرق لقضايا الثورات بعد أن كان على الهامش لا يلامس قضايا الناس بحال، وقال إن الأوان قد آن لإعادة النظر في خطب الجمعة والخطاب الإسلامي ككل، وأضاف إننا يجب أن نتوقف عن الصراعات، فالمستقبل للشعب والتنمية، لنعش مع القواسم المشتركة بيننا وبين الناس فهناك قضايا مهمة ينبغي على المجتمع ان يهتم بها.
رمز آخر تحدث عنه هو إعادة الاعتبار للفن الشعبي الذي كان محصورًا على بسطاء الناس، غير أن الفنان الشعبي استطاع أن يكون نموذجًا ظاهرًا في الثورة، كذلك الغناء الذي تحول من الكليب الذي يدور حول الجسد إلى الصوت الجميل الذي يتغنى بشعبه، وختم حديثه قائلا إن فرصة للمثقف الذي انسحب أو نافق اليوم ليقول كلمة الحق والإبداع غير مبال بشيء.
مفارقات
من ليبيا تحدث د.أحمد الفقي الناشط السياسي المعروف عن أن من بدأوا الثورة في تونس ومصر وليبيا وسوريا هم أناس شربوا الحليب المغشوش من الأنظمة ولدوا وتربوا على طغيانها ولكنهم بالرغم عن ذلك استطاعوا أن يقوموا وأن يثوروا حتى على أشد الحكام بأسًا كالقذافي، من كان يصدق أن 42سنة يمكن أن تمحى في أيام وأن من قاموا بذلك هم شباب دون الأربعين.
وعن المفارقات المؤسفة في الثورات قال إننا رأينا نتائج الانتخابات كيف ذهبت الأصوات لأحزاب تحرم الآثار وتصف السياحة بالمفسدة وتعتبر الأديب الكبير نجيب محفوظ ضالا، كيف يمكن لأحزاب مثلها مغرقة في الديكتاتورية أن تنتخب من قبل الشعوب التي عانت عمرها من ويلات الديكتاتورية؟ وكأن ما حدث هو جزء من حصاد مر لهذه الثقافة.
وأضاف من المفارقات أيضًا أنه برغم القمع والقهر في البلاد العربية إلا أن إبداعًا كبيرًا ظهر في هذه الفترة من شعراء ومثقفين نشأوا في ظل هذه الأنظمة برغم وجود حرب ضد الثقافة خاصة في ليبيا التي أوضح أنها لم تكن مثل مصر في وجود مساحة للإبداع فيها في ظل اعتراف ضمني بالثقافة ووجود وزارات حكومية معنية بالثقافة، ولكن في ليبيا كان يعمل بقانون لا للنجومية الذي لو كان طبق في أي بلد لما عرفنا رواد الأدب والمسرح والفنون والغناء.
وأكمل د.أحمد قائلا: برغم من محاربة القذافي للتفوق والنجاح إلا أن الليبيين لم ييأسوا وكان التحدي كبيرًا وتحمل الأدباء والمثقفين الأذى فالإبداع صنو الحرية والقمع يولد التحدي، لذلك فقد كان انتاجنا وابداعنا وما كتبناه من مسرح ورواية وشعر نوع من التحدي للطغيان الذي فجر وكفر وجعلنا آخر العالم.
وعن مستقبل الأدب بعد الثورة قال د.الفقي إن العالم الآن تعاد صياغته في عالم السماوات الثقافية ونحن نقول بتفاؤل لا عودة إلى الوراء فالربيع العربي سيؤتي ثماره وستفتح ليبيا الأبواب بعد أن قدمت أكثر من 50 ألف شهيد للعصر الجديد والإبداع والحرية والثقافة لإنه لا عودة إلى الوراء.
تسونامي بنَّاءة
ومن السعودية بدأ عبد الله الخشرمي الشاعر والإعلامي السعودي حديثه بتعقيب على ما ذكر عضو مجلس النواب اليمني من أن أفضل بيت كتب عن معاناة سجين كتبه شخص لم يسجن ولكنه أحس بألم سجين، فقال: أذكر عن غاندي رحمه الله قوله نحن لا نعيش لنأكل ولكن نأكل لنعيش، ولكن الخطاب السلطوي العربي خدعنا بمحاولة وضع الإنسان على خط الاحتياج حتى لا يفكر إلا في حاجة جسده دون عقله، وأضاف أن حديث شوقي القاضي أيضًا عن الشجرة الوطن ذكره بقصيدة قالها كتميمة ذات يوم تقول: أبحث عن وطن من ماء، وبلاد لا تقنتص الريح إذا مرت، وشموع تومض للإنسان بلا حراس، أبحث عن شجر لا يحني هامته إن مر السادة..
وعن خطورة المثقف تحدث الخشرمي فقال إن الثقافة كالصناعة إن تحولت لا تلغى أخيلتها ورمزيتها ووطنيتها وإنما يكون كل ذلك إيذان بانطلاق الثقافة من التنظيم إلى الفعل المجتمعي البناء، وضرب لذلك مثلا ألمانيا التي نهضت من أنقاض الحرب حتى وصلت اليوم إلى أن دولا مثل أمريكا وكندا تهتم أن تكون صناعتها موافقة للمواصفات الألمانية، وأكمل: أخشى على الثورات العربية أن يؤسس لها المفكرون ويفعلها الشجعان ثم يقطفها الجبناء، نريد أن تعود الثورة إلى الشعب.
وأضاف أن هناك أزمة شكلها رموز الثقافة العربية عبارة عن منتج اسمه الصنمية الثقافية العربية، وقد خرج من السلطوية الديكاتورية فادعى الذين يسيطرون كمرجعيات ثقافية لاهوتية على الفكر العربي أنهم قادرون على إنتاج فكر ثقافي يؤسس مجتمعًا مدنيًا حرًا قادرًا أن يبني من القاعدة ما تريده الشعوب وهيهات أن يحدث فقد فشل من آمن بالعسكر، واقترح الإعلامي السعودي أن تلغى جميع الاحتفالات الثورية في كل البلاد لأنها لم تكن ثورات وانما انقلابات عسكر، ولا يحتفل إلا بالثورات التي قامت بها الشعوب وأحدثت ما يشبه موجة تسونامي ولكنها تبني ولا تهدم.
وأخيرًا قال إن المثقف ليس معزولا عن الفكر السياسي رغم تخوفات سيادة النمطية على الثورات، فعندما صيغت وثيقة الأزهر كان الأستاذ صلاح فضل هو من صاغها وقدمها، وأضاف أن علينا ألا نستسلم كمثقفين للفعل المجتمعي المدني فنحن أمام تحدي لترسيخ الفكر الحر وهو حرية التعبير والعقيدة والإبداع، لا أسوار ولا حصون، لا حواجز ولا موانع، يجب أن يكون لنا أثر إيجابي من الماء إلى الماء فقد انتهى حكم الديكتاتورية وعليهم أن يُغَيِّروا قبل أن يُغَيَّروا.
الأصنام الثقافية
تحدث بعد ذلك "الحبيب الأمين" مدير قطاع الثقافة في ليبيا عن جرائم القذافي تجاه الثقافة والمثقفين وعن آمال ليبيا ومشروعاتها الثقافية بعده، فقال: كانت ليبيا مغيبة في العتمة، قدمنا القذافي للعالم بصورة التخلف مابين قطاع طرق أو إرهابيين، ورغم أنه ظل لفترة يحرص على تكوين علاقات مع المثقفين العرب إلا أنه كان عدوًا للأدب والأدباء لدرجة أنه كان يزج بهم إلى السجون!!
وأضاف قائلا: برغم أن القذافي أغلق على الليبيين الحياة وعطل العقل الليبي عن المشاركة في العالم العربي وشوه ليبيا، إلا أنها تخلصت منه في ثورة عظيمة وأعطته والآخرين درسًا لا ينسى، فجرائمه فاقت الوصف كيف يمكن لشخص أن يغيب وطنًا مثل ليبيا التي لم تكن بمعزل من الفن بل كان بها أكبر متحف فنون ومدرسة للفن، ليبيا وشعبها الوحيد الذي لم يذكر بسبة أو عيب في التاريخ.
ثم أكد الحبيب الأمين على العلاقة الوثيقة التي تربط مصر وليبيا فذكر أنهما كانا شريكان في النضال أمام الاستعمار، كما أن ليبيا هي أول بلد بعد مصر تضع دستورًا لا يزال صالحًا للعمل به حتى الآن، وذكر أن فترة ما قبل القذافي كانت هناك حرية تعبير وصحافة وإن كانت محدودة حتى أتى الطاغية فجمع كل الأدباء والمثقفين في ندوة أسماها "ندوة الفكر الثوري" خرج كل من المدعوين وقد كُتب فيه تقرير ليزج بهم جميعًا في السجون بعد ذلك.
وأضاف أن القذافي حاصر المرجعيات الفكرية والأيدلوجيات واستمر في مكافحة الثقافة ومحاربة المثقفين، وكان يبرز رجال إعلامه كوجوه ثقافة ليبية يمجدونه ويبجلونه ولا يكتبون إلا تسبيحًا له وكأنه جعل نفسه في مقام مفكر أو إله وخلع على نفسه صفة الخلود، ووصل من إرهابه الثقافة أن من يسافر لحضور أي مؤتمر ثقافي يحجب ذلك عن أقرب الناس إليه خشية أن يتسرب الخبر ويؤذى أو يسجن.
وعن ثورة السابع من إبريل قال إن عمادها كان من المثقفين، فلم يكن بإمكانهم أن ينشروا في الصحف أي نقد، وأكمل حديثه قائلا: إن ثورة ١٧فبراير عندما بدأت دعوات لها على الإنترنت قام بتضييق الخناق على المواقع ومراقبة الرسائل الالكترونية بشكل مريض أغلق جميع المواقع الليبية حتى تلك التي كانت استضافتها من الخارج من خلال القرصنة عليها حتى أصبحت الشركات ترفض استضافة المواقع الليبية حتى لا تخسر بعد ذلك لإصلاح ما تفسده القرصنة، وأضاف أن يوم16 لم يأتِ ألا وكل المواقع الليبية قد أغلقت واعتقلت مجموعة كبيرة جدًا من الناشطين والمثقفين كان هو وشقيقه منهم ليلبسوا ملابس الإعدام في اليوم التالي، ولا استغراب في ذلك فلعل أقرب شاهد ما حدث من قتله1200 سجين في٣ساعات عام٢٠٠٦ ولم يتحدث أحد من الإعلام أو محطات التلفزة وكأن شيئًا لم يكن.
وأخيرا قال المسئول الثقافي الليبي أن ليبيا موعودة بنشاط ثقافي مهم، وإن كنا محاطين ببقايا نظام ثقافي سابق يجب أن يختفي من المشهد، فالذين ساهموا في مدح القذافي وسكتوا على جرائمه قد ساهموا في جبروته وعلو ظلمه ويجب أن يرحل هؤلاء حتى يفسح المجال لبناة ليبيا والبناة فقط.
وأضاف إن المثقف الحقيقي هو من يتصل بالناس ويخدمهم ولا ينتظر مقابل ما يكتب مالا أو مدحًا أو تقربًا من سلطان، كما قال أننا يئسنا من الأصنام السياسية وحاربناها وكسرناها فليس من المعقول أن نترك الأصنام الثقافية لتسيطر على المشهد، فبعد الثورات في العالم العربي هناك إعلام جديد يحتاج إلى ثقافة حقيقية تعبر عن حريات الشعوب، لنكف إذن عن الصراع على السلطة ونتفرغ للحياة، وليحكم من يشاء لا يهمنا من يحكم ولكن يهمنا كيف يحكم.


الكاتب : داليا جمال طاهر - خاص " شموس نيوز "

http://www.shomos.net/portal/news-1537.html

->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art