الأحد، يناير 08، 2012

الكواكبي بمدارات مجرتنا المثقوبة


عبدالرحمن الكواكبي ::
نجم رائد للإصلاح بسماء لا زالت ملبدة بالجور منذ زمانه وتتأبى عن السطوع رشادا ... وها نحن نقبع بذات رقعة زمانه وتحت سطوة أهل جنسه وانسال عصره بظل وظلمة حكمانية رهقة ومرهقة ما أشعلت غير كير العبودية وما أنارت غير مجامر عبادتها لرعية عبيدها وما طالنا منها غير رشق الجمر ودر الرماد ... ما توراثنا منها عرش بعد عرش غير مستبد من ظهر مستبد وغير تركة ظلميات لأمة مهدورة الكرامة لم ينظر فيها عدل بميزان ولا أسعفها تاريخ التجارب المثلى لبناء الدول وثورات الشعوب بميزة الاحتكام بحكمة الحكم بعدل والعدل بقانون ,المواطنة بدستور , كي تجثت الإستبداد من جذورها ولترفل بظلال الرفاه والحرية والمساواة لبني قومها كنسل بشر لا كبهائم تساق الى حيث لا عدل الا بسوط الذل ولا علف الا من حكمة معشوشبة عافتها الديدان الزاحفة قبل الماشية .

طالعوا ما قال :

-(( مبنى قاعدة كون الأمَّة التي لا يشعر أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحقُّ الحريّة هو: إنَّ الأمَّة إذا ضُرِبَت عليها الذِّلَّة والمسكنة، وتوالت على ذلك القرون والبطون، تصير تلك الأمَّة سافلة الطِّباع حسبما سبق تفصيله في الأبحاث السَّالفة، حتى إنَّها تصير كالبهائم، أو دون البهائم، لا تسأل عن الحرية، ولا تلتمس العدالة، ولا تعرف للاستقلال قيمة، أو للنظام مزية، ولا ترى لها في الحياة وظيفة غير التابعية للغالب عليها، أحسنَ أو أساء على حدٍّ سواء، وقد تنقم على المستبدِّ نادراً، ولكنْ، طلباً للانتقام من شخصه لا طلباً للخلاص من الاستبداد، فلا تستفيد شيئاً، إنما تستبدل مرضاً بمرض؛ كمغصٍ بصداع. وقد تقاوم المستبدَّ بسَوق مستبدٍّ آخر تتوسَّم فيه أنَّه أقوى شوكةً من المستبدِّ الأول، فإذا نجحت لا يغسل هذا السائق يديه إلا بماء الاستبداد، فلا تستفيد أيضاً شيئاً، إنما تستبدل مرضاً مزمناً بمرض حديث، وربما تُنال الحرية عفواً، فكذلك لا تستفيد منها شيئاً؛ لأنَّها لا تعرف طعمها، فلا تهتمُّ بحفظها، فلا تلبث الحرية أن تنقلب إلى فوضى، وهي إلى استبدادٍ مشوَّش أشدُّ وطأةً كالمريض إذا انتكس. ولهذا؛ قرَّر الحكماء أنَّ الحرية التي تنفع الأمَّة هي التي تحصل عليها بعد الاستعداد لقبولها، وأمَّا التي تحصل على أثر ثورةٍ حمقاء فقلّما تفيد شيئاً؛ لأنَّ الثورة –غالباً- تكتفي بقطع شجرة الاستبداد ولا تقتلع جذورها، فلا تلبث أن تنبت وتنمو وتعود أقوى مما كانت أولاً. فإذا وُجِد في الأمَّة الميتة من تدفعه شهامته للأخذ بيدها والنهوض بها فعليه أولاً: أن يبثَّ فيها الحياة وهي العلم؛ أي علمها بأنَّ حالتها سيئة، وإنَّما بالإمكان تبديلها بخيرٍ منها، فإذا هي علمت بطبعه من الآحاد إلى العشرات، إلى إلى...، حتى يشمل أكثر الأمَّة، وينتهي بالتحمُّس ويبلغ بلسان حالها إلى منزلة قول الحكيم المعرّي: إذا لم تقُم بالعدل فينا حكومةٌ فنحن على تغييرها قُدَراء وهكذا ينقذف فِكرُ الأمَّة في وادٍ ظاهر الحكمة يسير كالسيل، لا يرجع حتى يبلغ منتهاه . ))-



->إقراء المزيد...

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art