الخميس، ديسمبر 03، 2009

خلطة مشاعر ...تهاني دربي

__EF20~1

لا أعلم هل هناك علاقة تربط بين عشاق التاريخ وآثاره وبين عشقهم لأوطانهم

حتى انى أتساءل أيعقل أن يسبق حب المرء للتاريخ حبه لبلده ؟؟

أم أن حب الوطن يسبق وهو الذي يقودنا نحو حب التاريخ الذي يمنحنا غناه

وزخره ما تحتاجه عقولنا لإضفاء هالة

موضوعية نريدها مستحقة لهوانا ؟؟؟ …أم أن العلاقة جدلية بين الاثنين ؟؟؟ .

تطل هذه الأسئلة بعنقها المشاغب ::

عندما أكون صحبة نص مفعم بالاستشهاد والإحالات. والرموز التاريخية الليبية للشاعر الحبيب الأمين وتزداد وتيرة ضجيج هذه الأسئلة وأنا في معية الأستاذة أسماء الأسطى.. تجود على بتفاصيل كثيرة لا أعرفها عن تاريخ بلادي ونحن نسير في أزقة مدينة طرابلس القديمة ... هذين الصديقين القريبين لديهم قدرة خاصة على إستنفار هذا النوع الصعب من الأسئلة ..فشغفهم اللامحدود بالاثنين معا والذي لا يمكن لكلماتي معانقة مداه واستيعابه ببهاء مماثل .. فهو من الشاسعة حتى يستعصى عن الإلمام...

بعيد عن الملامسة مهما حاولت الاقتراب من سبر كنه ... حالة من الحب الذي يربط تصعب فيها تحديد أسبقية من يقود نحو الأخر حتى أنى أستغرب الآن وأنا أكتب كيف سمحت لي هكذا أسئلة أن تغزوني وحدي ولم أسعى باتجاه أجوبة منهم..؟؟فعلى ما يبدو أنى أسقطت عليهم حالتي الحائرة دون أن أدرى جازمة إنهم لا يملكون مثلى أجوبة ناجعة .قافزة ربما نحو ما يهمني أكثر ويهمهم كمحصلة نهائية وهى من يحب وطنه يحب كل جزء في تاريخه وكل حجرة في آثاره وآمل أن يكون العكس صحيح عند الآخرين كما عندهم …..

الأسبوع الماضي استكملت مع صديقتي أسماء زياراتي للمواقع التاريخية الهامة في مدينة طرابلس القديمة بدأتها مطلع الصيف الماضي صحبة أسماء والدكتور فرج نجم ولألم في رجلي لم أتمكن وقتذاك من الاستمرار معهم في الجولة حتى النهاية واضطرت للاكتفاء بقدر والجلوس في أحد المقاهي هناك لأن آلم رجلي لم يجار حماس أسماء التي تريد أن تطلعنا على كل تفاصيل هذه المدينة دفعة واحدة , فبعد أن زرت في المرة الأولى حارة اليهود وكنيسهم ومقر السفارة الإنجليزية والفرنسية والذي سرني أن يتحولوا جميعا إلى منارات ثقافية.. مكتبات ومتاحف وأروقة ومقار للفنانين والأدباء تحمل أسماء الرواد من مدينة طرابلس ..مجددا كنت على موعد من تلك المواعيد التي يرتبها لك القدر تستمتع فيها بما يجود به عليك من عطايا دون تخطيط .

2009-12-01_221930

في طقس خريفي جميل وصحبة العزيزتين أسماء وسالمة المدني واصلنا الجولة دون ترتيب مسبق .. والبداية كانت بيت حريم يوسف القرمانلى في المدينة القديمة والمتحف الصغير هناك كانت كل المعدات التي أستخدمها الليبيون في تلك الفترة وكذلك كل ما وجده سكان هذه المدينة من آثار أقدم أثناء شروعهم في تشيد بناء جديد بها ...لا تستغربوا إذا ما وجدتم آنية من العصر الروماني موجودة في هذا المتحف كما تعرفون فمدينتنا هذه بنيت على أنقاض مدينة أويا .أثناء التجوال كانت معلومات أسماء التفصيلية تنهمر ..وأنا أتابعها بخلطة مشاعر "استمتاع وخجل وآسف" ….

..استمتعت لأني من عشاق التاريخ والآثار وخجلت من ضآلة معلوماتي التي كنت اعتقد أنها كافية وأسفت لسببين الأول أننا نملك كل هذا الزخم ونحن وأولادنا لا نعرف عنه إلا القليل الذي لا يكفى والثاني عندنا آثار تقريبا في كل المدن هناك المكتشف المهمل والمسروق وهناك الذي نتجاهله مردوما فى الأرض أو البحر لأنه لا إمكانيات لدينا تستطيع إبرازه..

طرابلس باب

وهناك مدن قديمة زاخرة ولا نعرف تفاصيل تاريخها ولا كيف نستفيد منها فلولا جهود السيدة فوزية شلابى أثناء توليها مشروع المدينة القديمة لما تمت صيانة هذا الجزء اليسير من المدينة لكانت مثل أخواتها الأخريات تصرخ من الإهمال ونحن نبكى معها على الأطلال ولا من مجيب "ومن المؤسف أن ينال هذه المدينة الإهمال مجددا بعد أن انتهت مدة إدارة هذه السيدة لهذا المشروع"هذه حقيقة موضوعية لامسها عقلي قبل قلبي لا يمكن تجاهلها كما انه للأنصاف على أن أضيف هنا بأن الصيانة في عهد إدارتها جرت وفق أخلاص وجهد وحب قل نظيره""المجال هنا لا يتسع لذكر تفاصيل ذلك وعلى الباحث عنها زيارة هذه المدينة حتى يتأكد" ....

رغم الإهمال الواضح الآن داخل المدينة هناك جهود استثمارية فردية صغيرة دخلنا أحد الفنادق الخاصة التي تمت صيانتها شدتنا آلية نضارة تسطع وسط إهمال يطغى ..وبعد إبداء إعجابنا سألت صاحبه عن الأسعار فكانت أجابته الغرفة الزوجية 250 دينار لليلة الواحدة ذهولي أطلق السؤال التالي ..

هل لديكم زبائن ؟؟ ابتسم الرجل مفتخرا وأجاب " الفندق فل يا مدام " .....

صدقت الرجل فالمدينة رغم حالها المهمل بها عدد من السواح فجأني !! ..الأزقة المقاهي والمحلات والمطاعم بها حركة لا يستهان بها ..فأثناء تناولنا وجبة الغذاء في مطعم" أعبيه " للمأكولات الشعبية البحرية ودون جهد لاحظت أن أغلب رواد هذا المطعم المكتظ من الأجانب…..

لي صديقة ذهبت منذ فترة لدراسة الطب في الولايات المتحدة كتبت لي تشكى من

صعوبة دراسة التاريخ الأمريكي فعلى قولها طويل جدا ومتشابك وتفاصيله

كثيرة ...فرددت عليها أين تاريخ أمريكا من طول تاريخنا وتنوعه يا صديقتي

؟؟فردت على بالحرف الواحد ...

ومن قال لك أن ما درسناه يدخل في عداد دراسة الأمم لتاريخها ؟؟ "

في الأسبوع الماضي سبقني كاتبين مخضرمين في الكتابة عن ذات الموضوع رغم اختلاف زوايا التناول..إلا أننا على ما يبدو نلتقي في النهاية فذات الموضوع يشغلنا واتفاقنا يعنى أنه ثمة ما يحتاج إلى معالجة في هذا الشاغل وحتى لا يطول أكثر هذا المقال سألوذ بهما لاختصار في خضم يصعب جدا فيه ذلك سأستعير جملة من مقال أخير للصحفي المخضرم د.محمد المبروك يونس وهى .

" العناية بآثارنا تحتاج لتضافر جهود كل أدوات البلد التنفيذية والاعتبارية والفردية

والهيئات الدولية "

لبدة الكبرى

...بلدنا متحف غنى مفتوح لحضارات كثيرة العناية والاهتمام بها وترميمها وإبرازها ..

وإنشاء مرافق سياحية حولها لا يمكن أن يتحمله كاهل هيئة كالتي عندنا ..آثار لا تعد

ولا تحصى في خضم مساحة شاسعة فهيئة آثارنا للأسف ليست بحجم ما يحتاجه هذا

المرفق وإمكاناتها أقل بكثير من أن تعالج ما لحق بهذا القطاع الهام طيلة السنوات الماضية

من إهمال مهما حاولت ولا هي بمستوى طموحنا المستقبلي الذي نريده يتجه نحو السياحة ...

الاستعارة الثانية من مقال أستاذنا د.محمد المفتى .. " التسامح ...نضج"

فهل نضجنا بما يكفى حتى نتسامح مع مراحل من تاريخنا حذفناها تماما وبطبيعة الحال

لم يؤدى ذلك إلى نسيانها بل على العكس سيظل منعها حافزا مرغوبا ولملأ فراغات

مفقودة أو مطموسة لن يجد الباحث عنها إلا كتب لها أجندات سياسية واضحة لا

تقول بموضوعية وصدق وحياد ما مر بهذه البلاد فهل حان الوقت وأزف لنسارع إلى

أعادة كتابة تاريخنا..تاريخ ليبيا بصيغة موضوعية وتفصيلية ما أمكن وندرسه لأولادنا

بدل أن نجعلهم عرضة لانهمار معلومات لا تستأذن وبعيدة في تفاصيلها عن النزاهة

……………………. ؟ !

->إقراء المزيد...

مواجيد ليست جديدة .. !

الوجوه الثلاثة

قطارات التاريخ لا تحمل الشعوب الهرمة إلى دور العجزة !

تغادرهم بسرعة الحضارة... وتنفخ ورائها صراخهم .

من يشكك في هذا عليه أن يتشبث بالقطار أولا

ثم أن ينجح في انتزاع تذكرة له من صيني أو هندي …

يأكل بنصف بطن ويلتهم العالم بعقله

ثم يبيعهم ما تصنعه يداه..

الأمريكي لا يحتاجها لأنه هو من يطبعها ..

كما هو كاوبوى صاروخي ,,,,

متربع بالمقعد الأمامي ويتمتع برخصة قيادة حصرية

تحت الغلاف الجوي وفوقه.. على الأقل إلى حين !!! ..

حتى الآن هو من يمسك بزمام التذاكر ,, ويلوي أعناق المتفرجين

يبيعها ويفاوض من يحاول توزيعها ..

حتما لن يهبها لدراويش الأرض ,,, فيداه تناوش عمامة المريخ ..

وقبلاته الساخنة طالت جبين القمر ...

هل سئلنا القمر ونحن عاشقوه القدامى؟ ...نحن من نكنس الأرض بذيول مرقعة

ونمسح أفق الحياة بأنوف حافية ...لا نكتب بسجلات الزمن إلا خربشات لاهية ..

وبأزاميل الفراغ ننقر أعشاش الرخام...

مجهدة أوداجنا بنفخ جمرات الفتنة وبالونات الغيظ ..

أصابعنا تتربص بعيدان ثقابها ,,, لإشعال ما تبقى من شعرة الحياة وقش المصير

نضخ فحم الحماسة بجحيم الملاعب ونقدس غبار كرة الأقدام بألسنتنا

فيكون التسديد بأفواهنا وبأرجلنا في شرف ومرمى شقيق

عبادة وانتماء وسيادة دولة ومجد أمة !!!

يستحق أن نهرول وراء نداءات البربرية ,,, كثيران هائجة استقوت بقرونها

وحوافرها في موسم الهجرة نحو الأعشاب

كل أهدافنا مزورة وعليها ألف ألف لمسة يد .. غير نظيفة !!!

خلوا عنكم شحنات القرص والعض والندب و" الردح " فوق وتحت الحزام

فأحاديث الترنح والخصر الميال والشدق المليان كرامة من جينات الهمجية

التي لم ينسلخ البعض منها .. ولازالت تتربى بعزه !!؟؟,,,,,,,,,

نتكاسل ذهنيا وعضليا عن تعاطي فضائل العقل وحصاد الساعد ...

نؤجل مواعدة الانجاز بالنوم على مدرجات السبات حالمين في طاحونة الريح..

بكأس العالم فلا نحصد غير ميدالية الجعجعة ...

الحمد لله على الصحة .. الحمد لله ..

ويحنا ...عفوا ,,, وحتى هذه باتت مهددة !

نحن نتهادى على سدة العوز ونتبرج بعافية هدامة ونبتلع كل ما يصنعه

الأغيار من أقراص الفياغرا إلى لقاحات H1 N1

لكن يبقى السؤال ؟؟؟؟

عن أي خصوبة نبحث وعن أي عطس نتعفف ونترحم ؟؟!!

لا تبحث عن شمعة في بقعة ظلام محظور إشعالها

فهذه الجغرافيا لم تكتشف بعد حقيقة الفرق بين مضيء ومعتم

وتكره الاعتراف بتاريخية النار كما تخشى فتيل الأزمات والعبوات الناسفة

إن حاولت الوصول لأرض العمالقة والتطاول كقزم صدقهم ولا تصدقني

لن ترى من الأفق غير أسوار وقلاع وبضع معابد لدمى خشبية

يسمونها هامات وقامات وزعامات يستجدونها النهوض والحركة

فتتأبى بحجة ثقل الأوسمة والنياشين على صدورها الخاوية

وأكتافها المسمنة بلحم الخوار ...

إلا الغبش يتقافز في بركة الظلام ,,, سيكون هناك وهنا ,,,..

يشرب ماء عينيك ,,,,,,,,,,,,,,,,,

لا تحاول العوم فحتى البلل سيهرب من جفافك ..

مادام العجز والخبل يتبنى صلاحيات قدميك

واقترافات ساعديك المتورمة عضلاتها بماء الضفادع

عقلك المهدود على صعيد زلق ,,,,, دوام على شحذه بصوانة التفكير

قد يقدح لك الزناد فكرة البعث أو فكرة الفناء ..وإن لم يكن بينهما ثالث

فدعه يترنح عند الحافة الأخيرة ….

وليكن اقتحامك الأول موت لأجل الحياة الثانية ...............

بعد أن توطدت بالصدور أركان سلطنة التقية بالخوف وتوسد

من حولك لحاف البدونة بجاهلية مسترجعة من وعي بأصالة التخلف ..

كن كالعاجزين ,, دائم المقيل تحت قباب القماش منتظرا الماء والكلأ ,,,

ولا تستعمل في طلبهما سيف أو فرس فهذه لم تضمن باتفاقية العروبة المعاصرة

مع قناصل الشهوة وسفراء الاستبداد وخدام الأحلاف ,,,,,,,

*************

ماذا يقول ؟؟ أنا لا ,,, البتة هو من يقول :

تقصد ذلك المسكين ككل المساكين

نعم ...........

لا بأس وإن كان اللحاف قصيرا لا يغطيني خيرا من أن أكون بدونه عاريا ..

أنا حي وهم أحياء …. يستر الله ما بقى !

لن افقد حياتي لأجل كرامة يستحيل أن يمنحها مع هؤلاء حتى الموت !!!

سأظل هنا وهناك موجود وغير موجود لا يهم ..

المهم أن لا أهتم !

أعرف أنني موجود ببريد الصمت ..

أطلب من خط الظلام مكالمة الشمس ....

فيسكب لي جرس الكلام في طاسة القرف رنين انتظار...

سأنتظر …

لما لا طالما أن لا أحد يرى

هاهم كلهم وهاهي كلها تتداعى بقصعتنا

يهود وفرس وعجم وأفارقة أدرجوا الهجرة بعاداتهم الجديدة

وكفروا بطقوس الغابة الحارة , ,بحثا عن بلاد الثلج الساحرة ..

هاهم قادمون من الاستراتيجيا وأجندات الحروب

وفوق أكذوبة السلام ,,

يهزون لنا أجنحة القوة ,,,,,,,

بعد أن توطنت فينا الخديعة كمتنفس للغباء المنفوخ ,,

فصدقنا بغلبة الروم القدامى

والمحافظين الجدد ومن سيأتي بعدهم سينال من كعكة حمقنا

قدر مايتوفر من سذاجتنا الانشطارية ..

فنحن لا نصنع غيرها …

هاهم ,,,,

تمر صورايخهم ودباباتهم كقوافل الحجاج مبجلة ومقدسة بأرض الأصنام

لا نملك لهم إلا مرحى مرحى وملايين الطوابير من ماعز وغنم

ترفع رايات نعم ,,, وننفخ لهم نغم من رحم نغم ...

*************

على صفحة الماء تتظاهر الحوت “ عملاق البحر “

,, حمل شعاره الهائج على أكتاف الموج ...

" إنهم يلوثون حوض استحمامي !! " ,,

نفث غضبه رذاذ .. عاد إلى الأعماق المظلمة ....

وانتحر ................... ؟

أنا لست حوت . أنا بقاع البر !

لا أغضب ولا أنتحر ..؟

بين التراب والملح أعيش

فعن أي قذرة واستحمام يتحدثون ؟

*************

مع البحر لا تجدي تميمة خانتها الرياح...

بين سطور الموج تلمع دواة الحبر ومرساة الحروف ...

فاكتب يا خط الأرجوان على صدر الشراع يقيني ...

" مالح أنت يا حظي الأزرق "....

************

حين تناوشين مزاج من زجاج بمرارة حادة تتلطخ روحي

بشظايا الغثيان ..

أهيم كحنظلة يابسة تتذرع شوارع قاحلة..

تواعدني شفاه المقاهي بنكهات حلوة ,,,

تنصب لي أقلام الخلوة

" فخ الكتابة " بطعم الاكتراث ,,,

على ناصية أفكار مأزومة تذرع فوضاها سطوري ..

اهرب بشرودي بعيدا اسبر مدارات البن الهادئة

باحثا عن فنجان بكر

لم يتنكه بضجيج اليقظة...

على عتبات النشوة أنادي أيتها القهوة البيضاء

تعالي على أجنحة العبق ....................

تبدي لي من وراء السواد مرآة سكون أرى فيها الشعر

يرتشف الوجع من كفي …

هات لي من الأنس نديم ,,,,,,, يذهب ضيقي الجليس ...

::::::::::::::::::::::::::::::::::::::

الحبيب الأمين

->إقراء المزيد...

الصحف الخمس عند بوابة سوق الجريد

clip_image001

ملخـص لمـحـاضرة ألـقـيت في مـعـرض الكتـاب بـنـنـغـــازي

11 / 2009

د.محمد محمد المـفـتي

مـسـاء الخـير

قبل البارحـة .. احتـفلنا بتكريم أحـد الآباء المؤسـسـين للـثـقافـة الليبية الحـديثة .. الدكتور وهبي البوري .. تلك الثقافة .. أو الجـانب الكتـابي مـنـها الذي وضـعـت لبنـاتـه إبان عـقـد الثلاثينيات .. وفي بنـغـازي .. على ما أعـتـقـد.

نكرم الدكتور وهبي كأول من كتب القصة القصيرة في ليبيا، ولعطـائه المتواصل. لكن موهبـة البوري تـفـتـحت على صـفحات مجلة ليبيا المصورة، وكان هـو أحـد أبناء النخبة الليبية التي كرسـت جـهـدهـا في أواخـر الثلاثينيات للكتابة باللغة العربية وللتذكير بالوطن. ربما كان أغلب الليبـيين أميين آنذاك .. بيد أن كلمات أدباء النخـبة كانت تتـناقـل من القـراء شـفاهـية لتصل بـقـية الناس .. من غـدامس وطبرق إلى مصراته وأوبــاري وهـون. وكان مجرد تألـق أدباء ليـبــيين على منوال مشـاهير تلك الفـترة كالمازني وحافـظ ابراهيم والعـقـاد والرصـافي .. بمثابة رد اعتبـار للنـفـس الليبـيـة الكـســيرة والمـقـهـورة.

أليس جـديرا بنا إذن أن نسـتـقـصي الخلـفـيـة الثـقـافية التي أعطتنا رجالا مثل البوري والمهدوي والشارف والفـقـيـه حـس؟ وهـذا ما سـأحـاوله هـذا المساء .. أن أرسـم لوحـة بانورامية عريضـة لذلك المشـهـد الثـقـافي .. وتحـديدًا المشـهد الصحفي في بنـغـازي في فترة الاستعمار الإيطالي .. وإبان فـترة الإدارة العسكرية البريطانية.

والقاسم المشترك بين الصحف التي صدرت في تلك الفترة في بـنـغازي، أنـها خرجت جميعا من مطبـعة سـوق الجريد في بيت عمر فخري صـهر شاعر الـوطـن أحمد رفـيـق الـمـهـدوي .. وهو البيت الـذي آل لأحمد رفيق بـعـد وفاة صاحبه. وعاش فيـه رفيق قرابة ربـع قـرن! وسنطل في نهاية المحاضرة على أطلال ما تـبـقى من المـطبعة نـفسـها اليوم ، على أمـل أن تـتـم صـيانـة المبنى ويحـوّل إلى متـحـف لتـاريخ الـثـقــافـة بالمـديـنة.

التـصــالح مع الماضي

ثـمـة جانب آخـر، مضـمـر، ألا وهـو ضرورة تصالحنا نحن الليبيين اليوم مع ماضينا والنظر بـعـمق وموضوعية لدور تلك الصحف في ثقافتنا وخاصة ايجابياتها، مثلما تفعل الشعوب الأخرى، وأقربها مصر .. فصحف المقطم والمقتطف والهلال والأهـرام .. التي ما تـزال تصدر إلى يومنا هذا، كلها عرفت مـثـلا بتأييدها للوجود الإنجليزي في مصر .. لكن إخوتنا المصريين يتعاملون مع تراث تلك الصحف الآن من منظور أوسع وأكثر تسـامحا.. وبـعـيـدا عن الملابسـات السياسيـة.. وليس هـناك ما يجـنى من تجـاهـلـها .. كما لا يمكن طـمـسـها لأنـها مادة مطبوعة!!

ولنسأل في البداية : هل آن الأوان لإعادة تقييم دور الصحافة في تلك الفترة؟ وهل كان لها أي أبعاد إيجابية على تطورنا الثقافي؟ هذا مع ضرورة التأكيد على أن نـقـاشـنا يـســتـدعي قـدرًا كبيرا من الموضـوعية والتسـامح .. وإلا لـن نـفـهـم تاريخـنا ، وسـيـبقى مسـتعـصـيا على التفـسـير .. وأســيـر الإدانـات والطمـس!

الحـقـائق أولا

لا خلاف على أن سـمات الـعـهـد الإيطالي طيلة العـقـدين الأول والثـاني ، يمكن تلخيـصـها في مسـلـسـل الحرب المتصـلة وبالتالي الموت والدمار والتـهـجـيـر ومـعـسـكرات الاعـتقـال. وتـعـترف الإحصائيات الإيطالية نـفـسـها بمقتل سـتين ألف وهجرة عشرين ألف إلى مصر، في برقة وحـدها، مما أدى إلى تقـليص عدد سـكان الإقليم من 225 ألف سـنة 1920 إلى 142 ألف سـنة 1931 .

التـثــاقـف

بـعـد أسـر وإعـدام شـيخ الشـهداء عمر المخـتـار سـنة 1931 ، أكملت آلة الحرب الإيطالية سـيطرتـها وبدت السلطة الاسـتعمارية وقد اسـتـقـرت. وإذ بقي بالبلاد ثلاثة أرباع سـكانـها ، فـكان لابـد من البحث عن صـيغ للتـعايش. على الصـعـيد الإنـسـاني .. نشـأت عـلاقـات وصـداقـات ، بين الناس العاديين .. وتمثلت قـنوات التـثـاقـف في احتكاك الليبيين والطليان في الورش وأماكن الـعـمل، و في المدارس وبين الجـيران .. وفي فـرق الكـشـافة مثل الـغـال أو منظمات الشـبيبة .. و بيـن المـجـنــّدين في الشرطة أو الجيش.

ومن مظاهر التأثر الثـقـافي بين الليبـيين ، تـبـنـّي الزيّ الأوروبي ، وتبني بعض الأطـعـمة والوجبات وعلى رأسـها المـكرونـة والتنّ! والأهـم دخول شتى المـفـردات: الإيطالية للعامية الليبية مثل بشكليـطـه ، ريـقـولي ، كاتشـافـيـتا ، سـتيرسـو ، ليـبـرا ، بانكـيـنا ، وبعضـها ما يزال متداولا لأن دلالـتـه محـددة كما في كلمـة تـوبـّـو أو ماسـورة المياه المطاطية، المتميزة عن ماسـورة الماء المعدنية أو ماسـورة عادم السيارة ..إلخ. وقـد لا تكـون المفردات مـهـمة في حـد ذاتـها .. لكن من السـذاجـة أن نـسـتخـف بهـذه الظـواهر البسيطة ، لأنـها مؤشـرات لمدي عمق الاحـتكــاك والمـعـايشـة.

بــريـــد برقـة

كانت "بـريـد بـرقـة" التي تأسـسـت في وسـط العشـرينيات، أولى الصحف العربية التي صدرت في بنـغازي، وكانت صحيفة ناطـقـة باسم السلطة الإيطالية ، حتى أن شـاعر الوطن أحمد رفـيـق المـهـدوي هـجـاهـا آنـذاك بقـصـيدة جـاء فـيـها:

ألم يبلـغـك ما قــال البـريــد؟

هـراء لا يضـر ولا يـفـيــد

مسـيلمـة الجـرائــد ما تـنـبـّـا

وزاد فـديـنـه كـفـر جـديـد

إذا جـاؤا إليـك به فـعـجّـل

إلى الكانـون يصـحبك الوقـيـد!

لكن المؤرخ الأول والأبرز لحـركـة الجـهـاد ، المرحـوم الشـيـخ الطــاهر الزاوى، يـعـلـق بـقـدر من الموضـوعية في كتـابه أعـلام ليـبــيا، إذ يـقـول أن صاحب جـريدة البريد ’’ كان يـنـشـر مـنـشـورات المـجـاهـدين بحـجـة أنـه يـرد عـليـهـا، ولـه من وراء ذلك مـقـصـد حـسـن، وهـو اطــلاع النـاس على هـذه المـنـشـورات، وأن المـجـاهـدين مـازالـوا فى نـشـاطـهـم وقـتـال العــدو …فـكان مـحـل التـقـديـر من مـواطـنيــه، وكانـوا يـلـتـمـسـون لـه الأعـذار‘‘.

clip_image003

ولم تكن صحيفة البريد وحـدها على هذه الشاكلة، فـقـد كانت هـناك صـحـف مماثـلـة في طرابلس وهي "الرقيب العـتيـد" و"أبو قـشـة". كما ظـهرت "اللواء الطرابلسي" المـعارضة، باسـم حزب الإصـلاح الذي أسـسـه زعـماء الجـهـاد بـعـد صلح بن يــادم عـام 1919.

لمــاذا التـعـايـش؟

لا شـك أن عوامل عديدة أقـنـعـت المسـتـعـمر الإيطالي بالبحث عن صـيـغـة للتعايش مع الليبيــين. وإن نجحت الآلة الحربية في القضـاء على المقاومـة، إلا أنها لم تـفـني الشـعب الليبي. وهـكـذا اسـتـدعى الاسـتقرار التـعاملَ مع الليـبــيين.كما أن الليبيين وفـروا عـمالة رخيصـة. ثم إن أن مشـاريع إيطاليا الإمبراطـورية كاحتلال الحبشة مثلا، احـتاجت إلى تجنيد الليبــيين. وهـكذا في سـنة 1933 عين موسـيليني أحـد أعـوانـه التاريخيين، المارشـال إيتالو بالبو حاكما على ليبيا بعد توحيد إقـليمي طرابلس وبرقـة.

واقـعـيـــة بالـبــــو ..؟

شـغل إتالو بالبو (1896-1940)، الطيار والنجم الجماهيري، منصب حاكم ليبيا لسـبـع سـنوات، وإلى بداية الحرب سنة 1940، أي إلى وفاته. كان ذكيا، وسـيمًـا، ذي شخصية استعراضية كاريزمية، أقرب إلى شخصية ممثلي السينما. كما كانت له آراء مستقلة.

بيد أنه كان دمـويا في شــبابه.. وبعد وصول موسيليني لزعامة إيطاليا، اهتم بالبـو بتطوير الطيران العسكري. لكن شعبية بالبو، جعلت موسيليني يعينه حاكما لليبيا سنة 1934 ، بمثابة إبعاد سياسي له عن مركز السلطة.

وفي ليبيا، أولى بالبو اهتماما خاصا لإعمار المدن خاصة طرابلس وبنغازي ودرنة، وتطويرها لتصبح مدنًا حـديـثـة. فشــيـدت المباني الحـكـومـيـة والفنادق، وفـق نـمـط معماري جميل، جمع بين الطراز المحلي والإسلامي والروماني. لكن بالبو كان أيـضا، مؤيدا لتوطين الطليان في ليبيا بحماس، ورتب قدوم عشرين ألف إيطالي دفعة واحدة سنة 1938.

clip_image005

من جـهـة أخرى عارض بالبو تحالف موسيليني مع هـتلر. وبعد أسبوعين من بداية الحرب العالمية الثانية ، في 28 / 6 / 1940 ، سقطت طائرتـه في أجواء طبرق، بقذائف إحدي السفن الإيطالية الراسية هناك، بسبب خـطأ على الأرجـح.

الطـريـف والمـهـم أن بالبو سـعى إلى مصالحة ثقافـية بين الوجود الإيطالي والليبيين. وحرص بالبو على التجول في أنحاء البلاد لعقد شتى الإجتماعات مع أعيان المناطق، والالتقاء بالمشائخ، واهـتم بالتـعليم وتوسـع في بنـاء المدارس العربية. كما شـجع تـعـيـين ليـبــيين في الإدارات والبلديات.

clip_image007

ليبـيا المصورة

clip_image009

أمام هـذه الخلفيـة العامـة صـدرت مجلة ليبـيا المصورة الشـهرية ، في الفترة من 1935 إلى 1940 ، والتي كانت تطبـع في بنـغـازي. ورغم أنـها لم تـخلو من الدعاية السياسية المباشرة للسلطة الإيطالية ، إلا أنـنا نلاحـظ غلبـة اهـتمـام مقالاتـها باللغـة العربية وبالوطن. وهـكذا اجتذبت ليبـيا المصورة أقـلام الشـباب المتـعـلم .. الذين شـكلوا "جـماعــة" قـدمـوا عـطاء مناهضـا للوجـود الاسـتعماري، ومـدافـعا عن الهـوية الوطـنية. وهكذا خصصت ليبـيا المصورة مثلا، بابا تحت عنوان "مدن ليبيا الزاهرة" ، وعرضت

سـير أحمد الفـقـيه حسـن وبن زكري واحـتـفـت بأشــعارهـم. وأجرت التحـقـيـقات الصـحـقـية، مثل مقالة وهبي البوري عن شـهر رمضان في بنـغازي. كما أدخلت ليبـيا المصورة ولأول مرة لعبة الكلمات المتقاطـعـة ، وضـمنت الكلمات كثيرا من المفردات المأخـوذة من التراث الإسـلامي والعربي.

clip_image011

عـهـــد الإدارة

بـعـد انتـهاء الحرب العالمية الثانية ، تولت السلطة في برقة وطرابلس إدارة بريطانية، والتي سـعت ، من باب تخـفــيف الحمل، إلى تـوليـة ليـبـيين لشتى المناصـب. كما أن الإدارة لم تخـلـو من نـسـمات الديموقـراطـية الإنجليـزية ، ربما لأن كثيرا من رجال تلك الإدارة كانوا من المدنيــيـن أصلا، ومجـرد مـجـنـدين إيان الحرب العالمية. من ذلك أنه كان يـعـقـد أسـبوعيا مؤتمر صحفي يحضره رجال الصحافة ليسـتـمـعوا إلى ما تم إنجـازه ويـسـألوا عما يخـطـر لـهـم من مشروعات أو مشاكل. وإضافة إلى ذلك أطلقت حرية التعـبير ومنـها حرية الصحافة، بل وحرية النشاط السياسي المنظم وهكذا ظهرت عـدة أحزاب في طرابلس ، وجمعية عمر المختار في بنـغـازي.

وفي عـهـد الإدارة البريطانية صـدرت مبكرا صـحـف "بنـغـازي" ، و "عمر المخـتـار" و "ليـبــيا" .. ثم الوطن التي كانت لسـان حال جمعية عمر المخـتار، ورأس تحريرهـا المرحـوم محـمد الصـابري. وخـرج أول أعدادها يوم 7 يناير 1947 ، وكانت تصـدر أسـبوعيا ، كل يوم ثــلاثـاء ، حتى أغلقت نـهائيا في عـهـد إمارة بـرقـة يـوم 14 / 7 / 1950 ، إثـر حل جمـعـية عـمر المخـتـار ، وكانت الذريـعـة الرسـمية حـدوث مـظـاهـرات احـتجـاجا على تأخر دفـن جثمان مواطن توفي بالمسـتشـفى.

وكانت الوطـن نموذجا متقدما للجريدة المستقلة أو المعارضة، عـرفـت بشجاعة مواقفها وجـســارة نـقـدهـا، حتى أمست جريدة الشارع السياسي في ليبيا الأربعينيات. وقـد حرصت "الـوطــن" على أن تؤكد باستمرار رؤيتها الليبية المتجاوزة لبرقة. كما اهتمت بأخبار الوطن العربي وخاصة مصر. وقـد سـاهمت جـمـعـية عمر المخـتار في فتح فـصـول لمحـو الأمية، وأخـرى لتـعليم اللـغـة الإنجليزية، كما رعـت الفـرق الرياضـية وحركة للكشـافة وأخيرا المسرح. لكن آراء صحيفة الوطن لم تخلو من حـدّة ومثالية.

clip_image013

مـطـبـعة سـوق الجـريـد

كل هذه الصحف صـدرت عن مطبـعة سـوق الجريد الآليـة، والتي كانت تحتل الدور الأرضي من منزل الشـاعـر أحمد رفـيق المهـدوي ، الذي أمسى الأب الروحي للحركة الأدبية آنذاك. وكما نـعـلم أن المنزل كان أصـلا ملكا لعمر فخري المحيشي ، لكنه آل إلى أحمد رفـيـق بعد وفـاة صـاحبه، وفيه عاش شاعر الوطن أحمـد رفيق أكثر من ربع قـرن .. وبالتالي من المماحـكـة القول بأنه ليس منزل رفـيـق.

بل هناك قصور في العالم ما تزال تحمل أسـماء أصحابهـا الأصليين، رغم أن استـعمالهـا وطبيعتـها الحالية لا تمت بصلة لأصـحابـها .. ومنـها قصر عابدين في القاهـرة وقـصر بكـنـجـهــام في لندن والأليزيه في باريس. ومن مثل هذه الزاوية يتضح لنا أن التسـامح ضرب من النضـج وليس "تـسـترا" على التاريخ!! وأن الحـفـاظ على المباني التاريخية ليس تخلـيـدا لأصـحـابـها بل لكـونـها شـهادة على أحـداث وتطـورات لا يمكن إنكارهـا.

وبالطبع فإن المنزل الشاغـر منـذ قـرابة نصـف قـرن، قد أمسى أطـلالا .. ويسـكنه الآن بعض العمـال الوافـدين من السـودان. أما آلات المطـبـعة فـصـدئـة .. يحمـيـها فـقـط ثـقـلـها وإلا لوجـدت من رمـاهـا .. قـابـعة تحت ركام الأحـجـار. فمتى تمـتـد إليـها مـعـاول الصـيـانـة التي تـقـوم مـشــكـورة بتجمـيـل عـمـارات المديـنـة وتكسي بالمرمر الواجـهـات الأرضـية .. حتى لمـحــلات الـقـوميـســتا (والمصطلح إيطالي !!) .. أي محل إصـلاح إطـارات السـيارات !!

clip_image015

clip_image017

->إقراء المزيد...

الأربعاء، ديسمبر 02، 2009

شمس الحب من ليبيا ,, مشرقة بحديقة شانغشون

الفنان محمد بن لامين بجانب منحوتته

" شمس الحب "

**************

التي نفذها خلال ورشة نحت دولية

اقيمت بالصين

بن لامين يستعد للمشاركة في بينالي فلورنسا

2009

بإيطاليا . الذي ينطلق يوم 6 ديسمبر القادم.

تمنياتي له بالسطوع والتحليق

هناك كفينيق ليبي

->إقراء المزيد...

الثلاثاء، ديسمبر 01، 2009

من غرناطيات فيدريكو جارسيا لوركا

لوركا : أنا الظل الهائلُ لدموعي.

الدم المراق

أنا لن أراه!

قل للقمر أن يأتي

لأني لا أريد أن أرى دم إجناسيو

على الرمال

أنا لن أراه!

القمر مشرع الأبواب

حصان الغيوم الراكدة

وحلبة الثور الرمادي مع الأحلام

وأشجار الصفصاف في البريرا

أنا لن أراه!

" إن مصارعة الثيران من أعظم كنوز إسبانيا الشعرية والإنسانية التي لم يجر استغلالها من قبل الكتاب والفنانين. وهذا راجع بالدرجة الأولى إلى نوع الثقافة التلقينية الكاذبة التي تلقيناها, وكان أبناء جيلي أول الرافضين لها. وأعتقد أن مصارعة الثيران من أكثر الفعاليات الثقافية تسلية في عالم اليوم. إنها مسرح نقي يذرف فيه الإسباني دموعه الغالية ويفرغ ما في كبده من مرارة. وهو المكان الوحيد الذي يذهب إليه المرء وهو متأكد من رؤية الموت محاطاً بأكثر درجات الجمال ذهولاً "

فيدريكو جارسيا لوركا

كان يروق للوركا القول أنه من مملكة غرناطة, وغالباً ما يضيف بأنه لم يولد في المدينة عينها, بل في قلب الغوطة, سهل غرناطة الخصيب. إنه يهاجم أبناء الطبقة المتوسطة في غرناطة, لأنهم - حسب تصوره - ليسوا أندلسيين أصلاً, بل أبناء بررة للمسيحيين الذين جاءوا من الشمال, وأقاموا في الأندلس, فأظهروا بلادة شديدة لكل ما وجدوا.

وصفه بابلو نيرودا فقال: كان برقاً طبيعياً، طاقةً دائبة الحركة، كان فرحةً، ألقة حية، حناناً دافقاً خارقاً، كان شخصاً سحرياً يهب الهناء".

يقول الناقد بارو: لدى لوركا كلُّ مزايا عرقه ومآخذه، وليس من المستحيل أن تسريَ في أوردته قطراتٌ من ذاك الدم العربي الذي صنع عظمة غرناطة. ويورد الناقد دومينيكيز حين التقى به: "إن لهجته الجنوبيةَ القويةَ العذبةَ معاً، تخلُبُك بسحرها، إن لوركا يؤمن بالعرب، بل إنه أقرب إلى أن يكون عربياً من أن يكون أندلسياً".

و يقول جيبسون في كتاب " لوركا.. قراءة حميمة في حياته " أن لوركا لم يكن شاعراً فقط.. بل كان متع

لوركا 2_NR[2]

دد المواهب والأنشطة الثقافية والإبداعية. في البداية كان موسيقياً، وفي سن الثامنة عشرة كان من أشهر عازفي البيانو في غرناطة. لكن بعد وفاة أستاذه رفض أهله السماح له بالسفر إلى باريس لمتابعة تخصصه في الموسيقى، فانصاع وبقي في غرناطة يعزف ويؤلف. لكنه بدأ أيضاً يتجه نحو الرسم والشعر والتأليف المسرحي.. وقبيل وفاته أي قبل اندلاع الحرب الأهلية، كان لديه مشروع أوبرا ضخمة مع سلفادور دالي. ولكن أهله كانوا وراء إحباط مشروع هذه الأوبرا لأنهم منعوه من السفر إلى برشلونة للعمل مع دالي.

كانت اللحظات الأخيرة في حياة شاعر غرناطة لوركا مزيجا من الألم، والخوف، والحزن، وعدم القدرة علي مواصلة الإبداع. في آخر عمل لإيان جيبسون " الرجل الذي ألقى القبض على جارثيا لوركا " يكشف جيبسون عن الشخص الذي قتل لوركا غيلة وحقداً. قاتل الأديب الاسباني هو رامون رويث الونسو. كان الباحث جيبسون قد قابل رويث الونسو عندما كان يعد كتابا عن لوركا، وتحدث معه حول أشياء كثيرة تخص لوركا ومقتله. فاعترف أمام جيبسون بأنه اشترك في عملية إلقاء القبض على لوركا، لكنه برر عمله بأنه كان ينفذ أوامر الحاكم العسكري لمدينة غرناطة.

تيقن غيبسون , بعد كل هذه السنوات من الدراسة والبحث، بأن رويث الونسو الذي ساهم في إلقاء القبض على لوركا، هو الذي حرض على صدور حكم الاعدام ضده. كان رامون رويث الونسو شخصية سياسية فاشية ، وكان يعمل في مجال رسم الخرائط في غرناطة، مدينة لوركا، وتم انتخابه عضوا في مجلس النواب، ثم فقد مقعده عام 1936، فانقلب على الديمقراطية ونحا منحى التطرف. وكما يقول جيبسون: منذ ذلك الوقت أخذ يحيك المؤامرات ضد الديمقراطية. كان ألونسو يحسد لوركا ويكرهه بسبب الشهرة العالمية التي كان يتمتع بها ولإعجاب الكثيرين به، بل كان ينزعج من آراء وتصريحات لوركا المستمرة التي يدعو فيها الى الديمقراطية والحرية والمساواة.

* * * * * * * * * *

الأحداث التي حصلت لحلزونٍ مغامر

هناكَ عذوبة طفولية

في الصباحِ الساكن.

الأشجار مدّت

أذرعها نحو الأرض.

ضبابٌ متردد

غطى الحقول المبذورة

والعناكب نسجت

دروبها الحريرية –

خيوطاً تمتد عبر البلور النقي

للهواء.

في أيكةِ نبات الحور

ينبوعٌ أخذ يردد

أغنيته وسط العشب.

والحلزون المسالم

مواطن الأخدود المحفور

متواضع .. وبسيط

أخذ يتأمل المنظر.

السكون الرباني

للطبيعة

أعاره إيماناً وشجاعة

- متناسياً أشجانَ منزلهِ

الوثير – أسرّ في نفسهِ عزماً

أن يرى نهاية الطريق.

بدأ يزحفُ حتى دخلَ

غابة اللبلابِ

والقرّاص .. وقتَ الظهر

كان هناك ضفدعان عجوزان

يتمددانِ تحتَ الشمس

بمللٍ .. يضايقان الضفدعات العجائز.

" هذه الأغاني الحديثة"

أحدهم تمتم ..

" بلا معانٍ. " " كلها هكذا

ياصاحبي" أجاب

الضفدع الآخر الذي كان

مصاباً وشبه أعمى ..

" عندما كنت صبياً .. اعتقدت

أن الربّ لو سمع أخيراً

غنائنا .. سوف يرينا

بعض الرحمة. ولكن المعرفة التي اكتسبتها

- وقد عشت وعمرت طويلاً -

دفعتني أن أطرح إيماني جانباً.

والآن .. لست أغني ثانية. " ..

الضفدعانِ ابتهلا

طالبينَ الصدقة

من ضفدعة صغيرة

مرّت بغرور

مخلفةً وراءها أوراق العشب الراقصة.

متطلعاً في الغابة المظلمة

الحلزون أصابهُ الفزع.

حاولَ أن يصرخ. لم يقدر.

الضفدعان اقتربا منه.

" هل هو فراشة؟ "

سألَ شبهُ الأعمى.

" هو يملك قرنين صغيرين"

أجاب الضفدع الآخر ..

" إنه الحلزون. حلزون..

هل جئت من أرض بعيدة ؟ "

" أنا جئت من بيتي .. وأريدُ

أن أرجعَ إلى بيتي في الحال. "

" إنه مخلوق جبان جداً !"

هتف الضفدع الأعمى.

" هل سبقَ لك أن غنيت؟" " أنا لا أغني "

قال الحلزون. " ولا تصلي .. أيضاً؟ "

" لا .. لم أتعلم كيف أصلي. "

" ألا تؤمن بحياةٍ أبدية ؟ "

" ماهذه ؟ "

" ماذا! أن تعيشَ دائماً

في أكثر المياه هدوءاً

بجانب تربةٍ خصبة

تنتجُ مايكفي للأكل. "

" عندما كنت صغيراً أخبرتني

في أحدِ الأيام جدتي المتوفاة

أنني حين أموت سوف أغادر

نحوَ الأغصان الغضة

في أكثر الأشجار علواً . "

" جدتك كانت ملحدةً.

الحقيقة هي ماتسمع

منّا. آمن بما نقول "

قال الضفدع الغاضب.

" لماذا أردت أن أرى نهاية الطريق؟"

تنهّد الحلزون. " حسننا .. صدقتكم

و بالحياةِ الأبدية

التي تبشران بها. " ..

الضفدعان

تحركا جانباً مستغرقان بالتفكير

والحلزون المرعوب

أكمل طريقه ضائعاً وسط الغابة.

* * * * * * * * * *

نشيدُ فارس

قرطبة.

بعيدٌ أنا.. ووحيد.

مهرٌ أسود .. قمٌر كبير

والزيتون يملأ جرابي

رغمَ أني أعرف الدروب

لن أصلَ أبداً إلى قرطبة.

عبرَ الطريق .. عبرَ الرياح

مهرٌ أسود .. قمرٌ أحمر.

الموت يحدق فيني

من فوق أبراجِ قرطبة.

آهِ ! ما أطول الطريق!

آهِ ! يا مهري الشجاع!

آه! ذلك الموت يجب أن ينتظرني

قبلَ أن أصل إلى قرطبة.

قرطبة.

بعيدٌ أنا .. ووحيد.

من .. بكائية إجناسيو سانشيز ميجاس

I will not see it!

Tell the moon to come,

for I do not want to see the blood

of Ignacio on the sand.

I will not see it!

دعوا الشرفة مفتوحةً،

حين أموت!

الطفل يأكل البرتقال

من شرفتي أراه.

الحصاد يحصدُ قمحه،

من شرفتي أشعر به،

حين أموت،

دعوا شرفتي مفتوحة.

->إقراء المزيد...

تراجيديا الرمل والملح

crossing  desert  of libya

يقول جون وليامز: ما فائدة الدنيا الواسعة إذا كان حذاؤك ضيقا ؟.

أعرف أننا ومنذ أمد نصدر البراميل تلو البراميل" الزيت الأسود " للرجل الأبيض ...

وبيتنا بلا زيت قناديل ....

انظروا ( بالصورة أعلاه )

هاهي تخومنا الخرقاء تقترفها الفوضى ! بقوافل الهجرة للرجل الأسود

في رحلة للشقاء والحيف .. وبوصلتهم تؤشر على خواءنا كمحطة للتزود بالنقود ..

فيما نحن نعاني النضوب ويتمدد شوك السغب بحلوقنا وعلى وجوهنا ترعرع الشحوب...

أنها بحق تراجيديا لا تذوب في الوعي ولا تكنسها من أمامنا مزاعمنا بأننا لا نراها

لقد حطت بخشبتها وكواليسها وصيرتنا ممثلين ومتفرجين..

في كلتا الحالتين ثمة بالوعة سوداء .. تلتهم أعصابنا .. وتجرجر ضحكاتنا وراء فغر عميق.

بينما يتفانى الذبول في جهوده الماحقة لتتكفل دبابير السخرة بامتصاص رحيقنا وعرقنا

كرقيق الحقول لا طعام ولا رأي ولا لون لهم ...

حقيقة أم جنون ... ويا ليت المقام يسمح للعقل لفكرة متكلمة أو للتفاؤل ببنت شفه .

يحزنني القول أن نظرية الثقوب السوداء لا مثال لها بالسماء ..

أنا بت أكثر يقينية بصدق وجودها على الأرض وفي فراغ الواقع ..

لست بحاجة لإثباتها هناك أو حتى للاستلقاء والتمدد على عتبة

النيوتينية التي يصمنا كيسنجر بالعجز عن طولها ..

ربما وجه الصحة يأتي معكوسا هنا , فللجاذبية قوانين أخرى , أنها لا تجذبنا للأسفل فحسب

بل تسحقنا بقدر ما إلى ما تحت الأسفل. السفلي..

عندنا رصد الثقوب السوداء واكتشافها لا يحتاج تلسكوبات عملاقة ومكلفة..

بل ببساطة ودون ذلك بكثير ,,

فقط لنقم بإحصاء عددها بجيوب من حولنا .. وبعضهم لا يؤمن بالجيب أصلا كحافظة نقود مع حدة أنفلونزا الديون المستشرية بيمينه التي لا تملك إلا زوجه الملهمة للصراخ وحفنة أرانب جائعة تتفاقم أزماتها مع غلاء البرسيم ورخص التراب .. . وأخيرا هاهي المناديل تستثمر في عيوننا وأنوفنا بين بورصة العطس وبنوك الدموع ...

أخشى ما أخشاه أن تصدق فينا نظرية الإزاحة والتدافع البشري ,, وتتجلى سلبا ولغير صالحنا كعادة التاريخ والقدر والحكمانية الموجود المتوطنة كوباء إقليمي ومنذ زمن ..

فتلقي بنا تطبيقاتها بعرض الفقر دون حفنة دولارات أو حتى براميل خاوية ننحشر فيها كبلاد مثقوبة وصدئة..

أما حراسة جنائن أوربا ونقاءها الجيني وسلمها الاجتماعي والديمقراطي فليتدبر أمره الرومان واليونان والفايكنج والسكسون والأسبان والفرنجة والجرمان بمجمع بروكسل القدسي ..

ولينتظروا مع روح تشرشل وأسماكه طلائع اللعنة المقلوبة للرق والاستعمار تسرح بأشباحها في مرافئهم..

فقط ودون تأجير حكامنا كعلوج - " غفر سواحل وصائدي عبيد !" - وبعيدا عنا وعن ترابنا العجاج وماءنا الأجاج الذي لا زال يذكر الريس ازريق والكابودان باربروسا ..

أما ضحايا الكونتاكينتية الجديدة "قصة الأفريقي كونتا كينتا بفيلم الجذور الشهير"

فربما تتبنى قصصهم سيناريوهات ورش النصوص بهوليود

عقب تربعنا على واحدة من كاميراتها وبدولارات معدودة (,...10000000)

مع تمنياتي للأفارقة وغيرهم بحياة أفضل بأوطانهم وبوطن أفضل لمواطني ..

->إقراء المزيد...
Google

متواجدون

نصير شمه - مقطوعة العصفور الطائر

قصور مصراتة

art